كافة الحقوق محفوظة © 2021.
الدورات الرياضية العربية
صافيناز جحة
تشكل الدورات الرياضية العربية، منذ انطلاقتها الأولى في مدينة الإسكندرية بجمهورية مصر العربية في العام 1953، التجمع الرياضي العربي الأكبر، نظرا لكون برنامج مسابقات الدورة يشمل كل الألعاب الرياضية، إلى جانب مشاركة كل الدول العربية في الدورات، حيث لا تحتاج منتخباتها الى خوض منافسات تأهيلية كي تتواجد على مسرح منافسات الدورات العربية. لا شك، أن للدورات الرياضية العربية أهداف سامية، وأهمها تجمع الشباب العربي في مثل هذا المحفل الرياضي التنافسي، من أجل تعزيز أواصر الترابط والتعاون بين الشباب العربي، إضافة إلى أن اللقاءات التنافسية بين المنتخبات العربية المشاركة في مختلف الألعاب، توفر فرص منافسة وإحتكاك مثالية للرياضيين والمنتخبات العربية، ما يساعد تلك المنتخبات على التطوير والإرتقاء بمستوياتها الفنية، وطالما رأينا العديد من نجوم الرياضة العربية من الجنسين، الذين برزوا على المستولى العالمي، جاءت إنطلاقاتهم الحقيقية من منافسات البطولات والدورات العربية.
لكن، السؤال الذي يطرح نفسه على الجميع المهتمين والقائمين على إدارة شؤون الرياضة العربية في المرحلة الزمنية الحالية، هل لا تزال الدورات الرياضية العربية، في صلب رعايتهم وإهتمامهم؟، وأظن أن الإجابة على هذا التساؤل ليست مشجعة، في ضوء جملة من الوقائع الملموسة. ويقودنا البحث عن الإجابة المنشودة، الى حقيقة أن الدورات العربية تعاني من عدم إنتظام مواعيدها، ولا تقام الى في مواعيد متباعدة جدا، ويعود ذلك الى جملة أسباب منها واقع الخلافات السياسية بين العديد من الدول العربية، التي تترك آثار سلبية على التظاهرات الرياضي في الوطن العربي. وهناك أسباب أخرى تحول دون إنتظام إقامة الدورات العربية، ومنها عدم جدية الكثير من الإتحادات الرياضية العربية، في مسألة الحرص على المشاركة في مختلف البطولات العربية عموما، على أساس أن طموحها هو التواجد في التظاهرات الرياضية الإقليمية والدولية، وأن البطولات العربية لا تحقق مثل هذا الطموح، كونها ليست مؤهلة للبطولات الدولية الكبرى، مثل كأس العالم لكرة القدم، أو دورات الألعاب الأولمبية. صحيح، أن الدورات الرياضية العربية، لا تؤهل المنتخبات الوطنية للمشاركة في أهم البطولات العالمية، لكن لتلك الدورات العربية أهمية قصوى على مستويين، الأول أنها تمثل مناسبات مهمة لتواصل الشباب العربي في بينهم، وهو هدف نظن أن المجتمعات العربية تطمح الى إستمرارية مثل هذا الترابط بين الشباب العربي في كافة الدول، ولا شك أننا كعرب أحوج ما نكون لمثل هذا التواصل في الفترة الزمنية الحالية. أما المستوى الثاني من الأهمية، فيتمثل في حقيقة أن المسابقات في مختلف الألعاب، توفر فرص مثالية للاعبين العرب من أجل الإحتكاك فيما بينهم، خصوصا أولئك اللاعبين الأكثر حاجة لإكتساب خبرة المنافسات الكبرى، أي أن مثل هذه الدورات تشكل الميدان الأنسب لتنافس وإحتكاك الشباب الرياضي العربي فيما بينهم، ومن الطبيعي أن ميدان المنافسة يكشف عن المواهب العربية ويعزز من خبراتها في مختلف الألعاب الرياضية الفردية منها أو الجماعية. ومن الملاحظ، أن الدورات الرياضية العربية لا تحظى بالمساندة الإعلامية اللازمة، سواء غابت تلك الدورات عن خارطة النشاطات الرياضية العربية، فلا تجد وسائل إعلام تطالب بإقامتها أو إستمراريتها، أو حتى في حالة إقامة تلك الدورات، لا يُحسن الإعلام الرياضي العربي عملية تسويق وترويج برامج مسابقات الدورات بالشكل الملائم على المستوى الدولي.
وفي الخلاصة، فإن إقامة الدورات الرياضية العربية، هي حاجة وليست ترفا، وحتى وإن تطلب الأمر أن تشارك الدول العربية في هذه الدورات، من خلال المنتخبات الأولمبية أو منتخبات الشباب، في حال تعذر مشاركتها في المنتخبات الأولى لمختلف الألعاب.