كافة الحقوق محفوظة © 2021.
المهندس غسان غانم يحدد مرتكزات التطوير الرياضي في الإطار السياحي والتنمية المجتمعية
المهندس غانم مع رئيس دولة هنغاريا
——————————
سراب – عندما نذكر الرجال الأوفياء للوطن، لا بد من أن يذكر المهندس غسان غانم، الذي تقاعد مؤخرا من الوظيفة الرسمية كرئيس تنفيذي لشركة تطوير العقبة، في وقت أن الوطن في وقتنا الراهن هو في حاجة ماسة إلى مسؤولين في مثل وفاء وعطاء وإخلاص وتواضع ودماثة أخلاق المهندس غسان غانم.
يجمع كل من عمل بجوار أو تحت قيادة “الباش مهندس غسان” في مختلف المواقع التي تولى المسؤولية فيها، أنه مثال المسؤول المخلص المبدع في عمله، ومصدرا للقوة والتفاؤل والعزيمة والإصرار في إنجاز المهام الموكولة إليه، حيث سطر المهندس غسان قصة نجاح لافتة في مدينة العقبة، ولعل من قام بجولة في شوراع مدينة العقبة خلال السنوات الخارقة، لمس مدى التطور الكبير الذي طرأ على المدينة على مختلف المستويات، واللمسات الجمالية على شوارع وحدائق المدينة.
وفي الجانب الرياضي، فإن المهندس غسان غانم شخصية رياضية مرموقة، حيث ترأس اتحاد البريدج وهو من نجوم المنتخب الوطني في هذه الرياضة الفكرية، وقدم المهندس غسان خدمات جليلة للرياضة الأردنية، من خلال دعم المرافق الرياضية في مدينة العقبة، تبرع بتصاميم صالة الأميرة رحمة للجمباز في مدينة الحسين للشباب، وكذلك نادي شباب الفحيص، ومراجعة مخططات صالة الأمير حمزة وغيرها من المنشآت.
مجلة “سراب” خصصت هذه المساحة أمام المهندس غسان غانم، كي يضع أمام القارئ الكريم خلاصة تجربته وفكره النير، بشأن كيفية العمل على التطوير الرياضي السياحي في ثغر الأردن الباسم.
—————-
الرياضة في العقبة
ثنائية السياحة والتنمية المجتمعية
الغاية الأسمى في مجال الرياضة هي التنمية الشبابية، والغايات الثانوية تحمل في ثناياها أهداف التنمية السياحية والترويح البرىء ونشر الثقافة والوعي السياسي وتهذيب النفس، وما إلى ذلك من عناوين لا يختلف عليها إثنين.
والاهتمام بالرياضة السياحية أو السياحة الرياضية، يتم من خلال مؤسسات لا تتسم بالهوية الرياضية البحتة، مثل وزارة السياحة وإدارات المناطق التنموية ولجان اللامركزية وغيرها، بينما يتم رعاية الرياضة الشبابية من خلال مؤسسات وطنية أيضا، لكنها تحمل الطابع الرياضي والشبابي مثل وزارة الشباب والرياضة واللجنة الأولمبية الأردنية والاتحادات والأندية الرياضية والاجتماعية.
وسيتم التركيز في هدا المقال على السياحة الرياضية، ودراسة ملف العقبة الخاصة في هذا المجالن كمثال إنطلق من مرحلة الفكر والتخطيط الى حيز التنفيذ، ومن ثم بدأ يؤتي ثماره بداية ناجحة نسبية.
وهذا لا يعني أنه لا يمكن تطبيق ذلك في المحافظات الأخرى، ولكنها دعوة لكل أردني مهتم ومحب لوطنه، للمحاولة الجادة للإقتداء بتجربة العقبة، بل وتقديم ما يجاريها أو يبرزها في مناطق أخرى.
لماذا العقبة ؟
———
يقول إبن خلدون في مقدمته الشهيرة، بأن “الأمصار بميزاتها النسبية”، وسنستعرض هنا الميزات النسبية لمنطقة العقبة الخاصة:
*العقبة هي المنفذ البحري الوحيد للأردن، وبالتالي فهي تتيح ممارسة الرياضات البحرية عامة.
*مياه خليج العقبة موطن طبيعي وصحي للكثير من الحيود المرجانية المتنوعة، مما يتيح رياضات بحرية أكثر تنوعا كالغوص والتصوير تحت الماء.
* التنوع الطبوغرافي في المنطقة يتيح التنوع الرياضي، ففي المناطق الشاطئية يمكن ممارسة الرياضات الجماعية الشاطئية ككرة القدم واليد والطائرة، ويمكن ممارسة رياضات المغامرات في المناطق الجبلية خاصة في وادي رم، وكذلك رياضات الرواحل في وادي عربة.
* المناخ المعتدل أغلب أوقات السنة، وخاصة فيما يخص الرطوبة النسبية التي تعتبر قليلة، مما يقلل ظاهرة التعرق أثناء ممارسة الرياضة، عدا أن الفارق في درجة الحرارة لمياه الخليج فارق قليل جدا مما يتيح السباحة أغلب أيام السنة.
* توفر المنتجعات ووجود مرافق رياضية نوعية ضمنها، مما يعطي جاذبية أعلى لجلب السياحة الرياضية.
* توفر البنية الأساسية اللازمة للمدينة والمنطقة الخاصة والإقليم والتي يتم توظيفها لحماية البيئة.
* توفر بيئة تشريعية ملائمة وخاصة في مجالات الأمن والسلامة العامة والصحة والبيئة.
* إعتماد الخطة الشمولية على السياحة عامة، كعامل أساسي في عملية التطوير.
*الموقع الجغرافي عامة فيما يخص توسط ثلاثة قارات وسهولة الإنتقال بين العقبة والكثير من الدول المصدرة للسياحة الرياضية.
الرياضات البحرية في العقبة
—————–
يقع عبء الرياضة البحرية في العقبة على الاتحاد الملكي للرياضات البحرية، وهو عبء كبر لتعدد هذه الرياضات، سواء الرسمية منها أو الترويحية، حيث تتضمن سباحة الزعانف بأنواعها وفئاتها والقوارب الشراعية والتزلج على الماء وصيد الأسماك والغوص والتصوير تحت الماء.
وتقوم جمعية الغوص إضافة الى تنشيط الفعاليات التجارية لمراكزها ببعض الواجبات البيئية حفاظا على البيئة البحرية، كما تقوم بعض الشركات التجارية بتقديم خدمات الرياضة والرحلات البحرية وتتبنى الرياضات ذات السمة الترويحية، والتي تتسم أحيانا بطابع المغامره، وقد قامت سلطة المنطقة الخاصة بالكثير من الترتيبات التي تساعد على تنشيط هده الرياضات، وكان آخرها عملية اغراق الطائرة المهداة من جلالة الملك المعظم لتضيف موقعا جديدا للغوص، أصبح معروفا حتى على المدونات المتخصصة في هذا المجال.
وينصح في هذا المجال بإضافة رياضات التجديف واليخوت بفئاتها المختلفة، وتنويع الرياضات البحرية الترويحية، وزيادة الرقابة والمتابعة لمراكز الغوص، وإجراء مسابقات دولية للسباحة الطويلة الحرة.
ولتخفيف العبء عن الاتحاد الملكي للرياضات البحرية، فإنه من الضروري إعادة هيكلته بإحدى طريقتين، الأولى منها تقسيمه الى اتحادات تضم كل منها مجموعة من هذه الرياضات، إحداها صيد السمك بأنواعه، وآخر للغوص والتصوير تحت الماء، وثالث للزعانف بفئاتها، ورابع للشراع واليخوت والتجديف مثلا، والثانية أن يتم اعادة تسميته بمجلس الرياضات البحرية، ليضم الاتحادات السابق ذكرها، أو أي هيكلة أخرى تدعم هده الرياضة التي ضاقت مدينة العقبة وشواطئها عن ايجاد مقر لهذا الاتحاد.
كما علينا أن لا ننسى الدور الفعال الدي يقوم به نادي اليخوت الملكي الأردني في إحتضان ودعم هذه الفعاليات.
الرياضات الجماعية
————-
كان لتزايد نشاط كرة القدم، وصعود نادي العقبة إلى مصاف أندية الدرجة الأولى (دوري المناصير)، دورا كبيرا في تنشيط هذه الرياضة، ولكن العامل الأساسي كان إنشاء ملعب تطوير العقبة، المكون من ملعب رئيسي بقياسات دولية، وملعبين خماسيين تضم جميعها مرافق متكاملة لخدمة جميع وظائف هذه الملاعب، وقد أدى ذلك الى أن يعتمد الاتحاد الأردني لكرة القدم هذا الملعب ملعبا رسميا لنادي العقبة، وبالتالي تقام عليه مباريات الدوري، وللقارئ أن يتخيل كم الأفواج التي تمثل جميع عناصر اللعبة التي تستقبلها العقبة في مثل هذه المناسبات.
كما يتم الآن إنشاء ملاعب خماسية عديدة، مع محالاوت لتطوير ستاد مدينة الأمير حمزة ليكون رديفا قويا لملعب التطوير.
ويحتاج الأمر الى أن تسارع السلطة وذراعها التنفيذي (شركة التطوير) إلى إنشاء المدينة الرياضية المزودة بالمرافق الكافية، لإحتضان المعسكرات الرياضية على أرقى المستويات، وليس لكرة القدم فقط، ولكن أيضا لكرة السلة والكرة الطائرة وكرة اليد.
ولكن بيت القصيد هنا، هو الملاعب الشاطئية برغم وجود ملعب مضاء ليلا على شاطىء مركز زوار متنزه العقبة البحري، الا أنه غير كاف، حيث لا تتوفر المرافق الصحية وغرف غيار الملابس وخلافه.
المطلوب زيادة عدد هذه الملاعب ضمن المنتزه البحري، ولا بأس بتشجيع الفنادق على تبني إنشاء وتشغيل مثل هذه الملاعب، التي يمكن للملعب الواحد منها أن يستعمل لكرة القدم الشاطئية، وكذلك لكرة اليد والكرة الطائرة.
ولكن توفير هده الملاعب، لا يغني عن وجود ملعب شاطيء على الشاطىء الجنوبي، يحتوي على مرافق ومدرجات متفرجين، ويهدف الى استقطاب البطولات المحلية والإقليمية والدولية.
وعلينا أن لا ننسى أنه لا يوجد قاعة رياضية مخصصة لهذه الألعاب، حيث يمكن أن تستعمل أيضا لألعاب أخرى في أوقات مختلفة، وخاصة لبطولات الجامعات والتي تقام حاليا سنويا في العقبة، ولكن لعدد محدود من الألعاب التي تسمح بها الملاعب القائمة.
رياضات الرواحل
————
بإستثناء مضمار الهجن الوحيد الموجود في قاع الديسة، فإنه لا توجد مواقع أخرى مناسبة لممارسة هذه الرياضات.
ويجب تشجيع رياضات الرواحل لخصوصيتها العربية التاريخية والجغرافية، من خلال إنشاء أكثر من مضمار للهجن ومضمار لسباق الخيل وقاعات لترويضها، ونادي للفروسية وملعب للبولو الرياضة التي تكاد أن تنقرض وهي إحدى الرياضات التي برع فيها الأردنيون منذ عقود طويلة.
كما يمكن أن تكون هناك مراكز للتريض والركوب بعيدا عن المناطق الحضرية، وفي مواقع محمية وآمنة مع تزويدها بالمرافق المتخصصة، ويفضل تركيز هذه المرافق في مناطق الديسة والقويرة ووادي عربة.
رياضات السيارات والدراجات
—————–
لا تغيب عن القارىء المطلع، أهمية هذه الرياضات كهواية للجنسين وللفئات العمرية المختلفة، وبالتالي يمكن إيجاد موقع لرياضة السيارات بالتنسيق والإشراف الكامل مع نادي السيارات الملكي الأردني، وكذلك البدء بإعادة التخطيط الهيكل للمسارب المرورية للشوارع، لتضم نسبة منتقاة منها مساربا للدراجات، والأمثلة على تلك الشوارع عديدة.
ويجب أن لا ننسى المفهوم الترويحي وراء أغلب هذه الرياضات، وخاصة الدراجات النارية والكارت والسرعة والرالي وغيرها.
الرياضات الجوية
———–
تتميز العقبة بوجود مطار الملك الحسين الدولي، ذو المساحة الواسعة والمرافق والخدمات المتميزة، وهذا المطار هو مقر الصقور الملكية المبدعة، وذات السمعة الدولية المعروفة، والتي تقوم بعروضها المشوقة في المناسبات والأعياد الوطنية.
كما أنه مقر للنادي الملكي للرياضات الجوية الذي يقوم بأغلب فعالياته في منطقة وادي رم، وخاصة البالون الهوائي والقفز الحر والطيران الشراعي وغيرها من الرياضات الجوية المثيرة، وحاليا يتم تجهيز موقع إضافي للنادي لممارسة الرحلات الجوية شبه الفردية، ضمن طائرات متخصصة في هذا المجال.
رياضات الهدف
———
* تتميز العقبة أيضا بملعب الجولف الصديق للبيئة ضمن منتجع آيلة، ويضم الملعب 18 حفرة، ويوجد ملعب أكاديمي أيضا ذو تسعة حفر، وقد جذب هذا الملعب ذو المواصفات العالمية البطولات المحلية والدولية على مستوى شمال افريقيا والشرق الأوسط، وأصبح مقرا لجولتين من المسابقة السنوية لمنطقة مينا. وتتجه الأنظار الى إنشاء ملعب آخر في الجنوب، نظرا لقوة الجذب لهذه الرياضة.
* تحتاج العقبة الى نادي للرماية، حيث أن هذه الرياضة تعتبر هواية للكثير من الأردنيين، كما أنها تمثل منجما للميداليات الأولمبية، وقد يكون الموقع المميز لهذا النادي هو منطقة السياحة البيئية في الجنوب.
* لا شك أنه من الضروري توفير أماكن لممارسة رياضات الهدف النوعية مثل البلياردو والسنوكر والبولنج والرماية بالقوس، حيث أنها تمثل الهواية للكثير من ممارسيها، ولا بد أن تكون هذه المواقع ذات سوية جيدة وتتراوح بين الجيدة والممتازة، وبما يتفق ومتطلبات ممارسيها.
العاب المضرب
————
العاب المضرب عديدة، ومنها الرسمي المعتمد أولمبيا، ومنها الترويحي الذي يمارس على الشواطىء.
والرسمي منها يمثل رياضات نوعية ذات سوية عالية، وتحتاج إلى مران وجهد إلى جانب كونها هواية وترويح وتبني اللياقة البدنية لممارسيها، وهذه الألعاب هي الريشة الطائرة والتنس الأرضي وتنس الطاولة والاسكواش، وللأسف لا يوجد مواقع متخصصة وكافية، حتى أن ملعب الاسكواش الأول في العقبه والوحيد تم تحويله الى مستودع.
وعلى الاتحادات الرياضية المتخصصة، وبمظلة اللجنة الأولمبية الأردنية، العمل على إيجاد مثل هده الملاعب، ومن يتولى دعم إنشائها وتشغيلها، ومثلنا في ذلك ملاعب الاسكواش الدولية الراقية في شرم الشيخ والغردقة، والتي تستقبل بطولات دولية على مدار العام.
وهناك الألعاب الترويحية التي تمارس على الشاطىء مثل كرة المضرب والكرة الناعمة، وتحتاج إلى أدواتها فقط، ويمكن توفيرها على جميع الشوطىء.
وماذا بعد؟
——–
إن الإستمرار في إستعراض الألعاب الكثيرة الأخرى، وخاصة ألعاب القوى والجمباز والمبارزة والألعاب القتالية، يحتاج الى مجلدات، إلا أن ذلك لا يلغي حقيقة عدم الإهتمام الفعلي بهذه الألعاب، والتي تكون معدومة التواجد في العقبة بإستثناء مراكز الألعاب القتالية التجارية المتعددة.
كما أنه يجب أن نشير بالذكر إلى الألعاب الذهنية، والتي حصل فيها الشطرنج على موقع لأكاديمية ضمن قاعات ملعب التطوير، بينما البريدج لا يزال في الإنتظار، وإن كان يمكن أن يتم تبنيه من أحد الأندية.
كما تجدر الإشارة إلى الرياضات المركبة مثل الترايثلون والخماسي والعشاري، التي يمكن ممارستها في العقبة بسهولة ودون كلفة مالية عالية.
كل ذلك، يحتاج الى متابعة حثيثة ومخلصة، وتضافر لجهود وفكر جميع الجهات المعنية، لتكون العقبة مثالا يحتذى على مستوى المملكة، والإقتراح هو البدء بورشة عمل تضم جميع الأطراف وتكريس توصياتها الجيدة لتنفيذها.