كافة الحقوق محفوظة © 2021.
المعلومة الدّامِـية “القاتلة”
إسـلام عبـدالرحـمن
الحياة الرقميّة هي تَثمين لكل معلومة منّا، عنّا أو حولنا؛ تُخزن ضمن أنظمة إلكترونية، تتطور يوميّاً، تهدف الى جمع أكثر معلومات، تُستثمر في ما بعد من قبل مؤسسات، شركات، منظمات وغيرهاالحياة الرقميّة.. تحول عالمنا الإفتراضي الى إنعكاس ضوئي لواقع مُهيكل بالإحصائيات، يُستغل ويُدار من قبل صندوق أسود، خطير في غموضه، وفي جَهلنا بهذا السرداب المُظلم،والخطورة تتجاوز ظُلمته، لتشع من سرداب مُجاور مُضيء، نَمشي فيه كـ”العميان”، يَسُوقوننا كـ”القطيع”، وللأسف نُساق.
ولعل البحث المُوجه والمعلومة الجاهزة “المَوقوُتة”، تشكل دربا لفاقدي البصيرة الكترونيا، يبدأ بالبحث عن معلومة عبر محركات البحث، من أشهرها محرك البحث غوغل، وعبر المواقع الخاصة كاليوتيوب، الإنستغرام، التويتر، الفيسبوك وغيرهم من المواقع الالكترونية، تسمح لمستخدميها بتدوين وتكديس معلومات، دون مصدر يُذكر.
ويبدأ التنويم المغناطيسي الذاتي.. أصحاب الشارات الزرقاء رسل: كل ما يدونه أصحاب هذه الشارات، يتحول الى كتاب سماوي.. يستهلك كل ما فيه دون التيقن من مصداقيته، هنا تظهر هشاشة المتصفح، فالعلامة الزرقاء دليل على رسمية وواقعية الحساب لا محتواه.
الصور والفيديو دليل قاطع: لا وجود لدليل قاطع، فوسائل التكنولوجيا اليوم تتيح فرصة تعديل ودمج الصور والفيديوهات بطريقة يصعب تحديد صحتها من زيفها.
المصدر بدون مصدر: عند ذكر مصدر المعلومة لا يعني بتاتا أنها سليمة، قد يكون المصدر وهمي أو المحتوى مُعدل على ذوق الناشر، فكم من أقوال “مَؤثورة” نتداولها اليوم تُنسب لغير أصحابها.
التسليم المبالغ فيه بصلاحية تلك المعلومات، وتداولها بشكلٍ قطعيٍ، دون هاجس في صحتها، هو نِتاج شعوب متكاسلة عن القراءة، تعشق الإستهلاك المباشر، لكن أن كان هذا الإستهلاك “المسموم” يقودك الى الخطر؟.
أن تعلقت المعلومة بالصحة، علينا قرع جرس الإنذار، إذ تنكب مجتمعاتنا اليوم على موضوع “النحافة وبناء الأجسام”؛ تتوارث الأفكار، الخلطات السريعة والمعلومات تقتص من تجارب البعض، فتجد غزوا لفيديوهات، مقالات الكترونية وإشهارات لإخصائي تغذية مفخخة وعارية من الصحة، أغلبها تجارية، غبائية وفقيرة من الناحية العلمية، لنجد أجسام فقدت وزناً، وبالتوازي خسرت عمراً، والبعض شعراً وصحةً وأزمات قلبية بسبب بروتينات إصطناعية، وهذا عالم آخر أزقته متشعبة، وكل زقاق يقود إلى الهلاك.
وقيل قبلاً: “العقل السليم في الجسم السليم”، لكن الأجدر اليوم، القول “الجسم السليم للعقل السليم”، إعمِل عقلك كي تحيا سليم الروح والجسد.