كافة الحقوق محفوظة © 2021.
مساحـة حــرة…. البشر ينضجون بالتجارب.. لا بالعمر
* باسل عبد النبي
نحن البشر.. لا ننضج بالعُمر “طال أو قصُر”، ولا نكبُـر بالشهادات “علت أو دنـت”، بل بالتجارب عموما، تلك التجارب التي تصفعنا وتركلنا وتُسقطنا أرضاً كل يوم في معارك الحياة والتي نبادر نحن إلى خوضها، أو تلك التي تُداهمنا دون إرادة منا، والتي من شأنها أن تصقل قدراتنا المعرفية والنفسية، وتجعل منا أشخاصا مؤهلين لمواجهة صعوبات الحياة بدراية وحكمة وتوازن، وتساعدنا على إستيعاب “صدمات” الحياة ومعاناتها بدرجات عالية من التحمل والصبر دون ملل.
وفي خِضم هذا كله فإن الهوس لبلوغ الراحة، والشغفٌ في البحث عن السعادة ومطاردتها والوصول إلى نهايات مسالمة يبقى شغلنا الشاغل.
فكلما كبُرت معاناتنا، وإتسعت حُفَر سقوطنا، إنعكس هذا بإيجابية أكثر على حياتنا، وعلى قراراتنا وطريقة تفكيرنا، وأصبحت خطواتنا في الحياة أكثر توازنا، وتفكيرنا أكثر إتزاناً، وأصبحنا ندرك الأمور بطريقة أشمل.. وأوعى.. وأرقى.. وأكبر.. وهكذا ننضج ونَكبُر.
وكما أن البدايات متشابهة للجميع، إلا أننا نختلف في طريقة الوصول إلى الخواتيم، وفي المقدرة على الثبات والصمود
وفي زمن السير وأوقات الراحة، فمنا من يصل الى ما يريد في مساحة زمنية ضيقة أو “عُمرٍ قصير”، ومنا من يستنزف عُمره كله دون الوصول حتى لمنتصف الطريق، وأخرون لا يُبارحون أماكنهم في رغم سعيهم الحثيث للإلحاق بالآخرين، وثمة من يُولد وقد وَجَدَ من إختصر عليه الجهد والتعب ومهد له الطريق، وفي فمه “ملعقة من ذهب”، ومنا من يقف كمتفرج ينتظر معجزة ما، تُحرك كل ما تجمد بداخله من أمنيات، وهناك من يحاول الوصول على طريقة “الطُفيليات”.
لكن لا أحد يختلف على أن الحياة تصبح أكثر جمالاً عندما يتوقف البعض منا في طريقه لبرهة، لتقديم يد العون للأخرين، كشربة ماء أو نصيحة أو حتى عصا للإتكاء.
أما هؤلاء الذين يعرقلون المسير ويضعون العراقيل، ويجهدون من أجل تغيير الأحداث، ويُزَورون طرق الوصول، فهم يقيمون على كل جنبات الطريق، وهامش الحياة، علينا تجنبهم والحذر منهم، والتسلح بخاصية الثقة بالنفس.. كي تستمر القافلة في المسير، لعلنا في النهاية نصل الى الهدف النبيل.