كافة الحقوق محفوظة © 2021.
العنــف الجامعـــي أسبابــه وعلاجـــه
الدكتور إبراهيم محمد العدوان
من المؤسف القول إن العنف الجامعي أصبح ظاهرة متفشية في جامعاتنا الحكومية والخاصة ، وتكاد لا تخلو جامعة في بلدنا الحبيب الا وقد مورس فيها هذا العنف .
إن المتتبع لهذه الظاهرة يلمس أن جذورها مجتمعية نظراً للتركيبة السكانية العشائرية وأصبح هذا اللون من العنف المجتمعي يتهلهل إلى جامعاتنا وبين طلبتنا لأسباب مجتمعية متعددة .
إن مثل هذه الظاهرة وان لم تعالج وتجفف منابعها فإنها تهدد السلم والأمن في المجتمع الأردني ، وتمزّق النسيج الإجتماعي داخل هذا المجتمع .
إن الأسباب التي تؤدي الى وقوع المشاجرات بين الطلبة وإن بدت بسيطة وليست ذات قيمة الاّ أنها تمتد وتتعمق وتتسع دائرة العنف وتخرج عن السيطرة داخل الجامعات وتؤثر نتائجها في المجتمع المحيط بالجامعة ، كما تؤثر سلباً على النشاط الاقتصادي في محيط الجامعات .
والمتتبع للعنف الجامعي يرى بعين ثاقبة أنه يكاد ينحصر في الكليات الإنسانية وقلّما تجده في الكليات العلمية في جامعاتنا .
إن الرؤية الملكية للحفاظ على الوحدة الوطنية والسلم المجتمعي تنطلق من تشخيص الظاهرة ومعرفة أسبابها ووضع الحلول والبرامج العلاجية لها .
وإنطلاقاً من هذه الرؤية وفي ضوء الواقع أرى أن الحلول التي سأُقدمها كراصد ومتابع للمشاجرات الطلابية من خلال عملي كعميد شؤون الطلبة في جامعة البلقاء التطبيقية ، قد تساهم في وضع الأمور في نصابها والقيام بخطوات اجرائية لمعالجة مثل هذه الظاهرة
أولاً : المتتبع لسياسات القبولات الجامعية في مختلف جامعاتنا فيما يتعلق بسياسة القبول للطلبة يرى الخلل البيّن في دخول كم هائل من الطلبة في مختلف الكليات وهم غير مؤهلين ليكونوا طلبة جامعيين من حيث معدلاتهم ، حيث أن القبول وخصوصاً في الكليات الإنسانية يخضع لمعايير كثيرة يشوبها الخلل مثل الكوتات على مختلف أنواعها وتدني المعدلات المطلوبة ، وبالتالي تسهم الجامعات وعن غير قصد في دخول شريحة واسعة من الطلبة ما كانوا ليدخلوها لو أن أُسس القبول محكمة بحيث لا يدخل الجامعة الاّ الطلبة الراغبون بالتحصيل العلمي أُسوة بطلبة الكليات العلمية ، ما يتطلب إعادة النظر بسياسة القبول والكوتات .
ثانياً : نظم الإمتحانات الجامعية :
إذ أن الملاحظ أن نظام الامتحانات في هذه الكليات لا يختلف في جوهره وأعداده عن امتحانات طلبة المدارس حيث يقرر لكل مادة ثلاثة إختبارات ، وهذا الأمر لا يدفع بالطلبة الى اللجوء الى المكتبات للبحث وكتابة الأبحاث ، مما يؤدي الى فراغ قاتل ، ومن يدخل الى الجامعة أية جامعة يرى أسراباً من الطلبة يتحركون أو يجلسون ولا يحمل أيّ منهم كتباً أو دفاتر محاضرات أو مراجع وهذا يقودنا الى تغيير أنماط وأشكال وآليات تقييم الطلبة .
ثالثاً : النشاطات ومجالاتها :
على الرغم من كثرة النشاطات التي تشجع عليها الجامعات ويمارسها الطلبة وعلى مختلف أنواعها ، إلاّ أنّ هذه النشاطات وعلى إختلاف الوانها وأنواعها والأعداد الهائلة من الطلبة ، لم تحُد من التغلب على اوقات الفراغ لدى هؤلاء الطلبة مما يجعلهم يتجمعون في أماكن مخصصة لهم دون سواهم ، وبالتالي يكون الفراغ مدعاة للمفسدة والفساد ؛ وهذا يعني ان تُكرّس الجامعات هذه النشاطات وتستخدمها لتفريغ الطلبة لطاقاتهم بما ينفعهم ويقلل أوقات الفراغ لديهم .
رابعاً : الإجراءات التأديبية :
لكل جامعة انظمتها وقوانيها وتشريعاتها المتعلقة بالعقوبات التأديبية للطلبة الذين يخالفون انظمة الجامعات إلاّ أن هذه العقوبات التي تُتخذ بحقهم وفق تشريعات تصطدم بالضغط العشائري من ذويهم على إدارات الجامعات لإلغائها أو تخفيضها ، مما يشجع الطلبة على إرتكاب المخالفات والدخول في مشاجرات تؤثر سلباً على الجامعة وسمعتها وتحدث شرخاً في النسيج الإجتماعي .
لذا يتوجب على إدارات الجامعة ان تحدّث هذه التشريعات وتغلظها على الطلبة الذين يفتعلون المشاجرات أو يشاركون فيها ، وأن لا ترضخ الإدارات الى الضغط الخارجي للعفو عنهم او تخفيض العقوبات .
كما يتوجب على إدارات الجامعات أن تربط الطلبة ولا سيما في الكليات الإنسانية بكفالات عدلية عند دخولهم الجامعة لأول مرة ويربطون بتعهدات مفادها أن تسجيل الطالب يعتبر ملغي في حال ثبوت إفتعاله أو مشاركته بمشاجرة .
خامساً : وللحدّ من هذه المشكلة وتلافي تفاقمها في الجامعات ، فإن إعادة النظر بالتدريب العسكري ولمدة شهر لكل كلية في معسكرات خاصة بالقوات المسلحة سيسهم بلا شك بالحد من هذه المشكلة .
سادساً : على إدارات الجامعات أن تفكر جيداً بإقرار مواد دراسية ذات صلة بالخدمة الإجتماعية لطلبة الكليات الإنسانية وبالتنسيق مع مؤسسات المجتمع المدني ليقوم الطلبة بأداء هذه الخدمة وتحقيق متطلبات النجاح في هذه المؤسسات .
سابعاً : التركيز على عقد الندوات والورش والمؤتمرات لفئات المجتمع المحلي من ذوي الطلبة والتداعي للبحث في هذه المشكلة وعرض الأسباب وإيجاد الحلول ، ومساهمة أولياء أمور الطلبة بضبط سلوكات أبنائهم تجاه الآخر في حرم الجامعات وخارجها لأن هؤلاء الطلبة هم أبناء بيئتهم ، والسؤال المطروح عليهم ، لماذا يلجأ هؤلاء الطلبة الى العنف الجامعي حال دخولهم الجامعة في الوقت الذي لم يشاركوا باية مشاجرة أو يفتعلوها خلال دراستهم المدرسية .
وأخيراً آمل أن تكون هذه الملاحظات موضع بحث وتسهم في حال تطبيقها الحد من ظاهرة العنف الجامعي .