كافة الحقوق محفوظة © 2021.
ثقافة التسامح..
* فاتـن جبـريـل
ثقافة التسامح.. لعلها خاصية، يحتاجها العالم بأسره في زماننا الراهن، نظرا لما يملأ أرجاء هذا الكون من نكبات وهموم وأمراض وأوجاع إنسانية متعددة، ولأسباب عديدة منها الحروب والصراعات الداخلية والخارجية، والفقر والأوضاع الإقتصادية المتردية، التي تعاني نها أغلبية شعوب العالم.
والتسامح، هو حاجة إنسانية ملحة، ما يتطلب من الأفراد في كافة المجتمعات العمل على تدعيم ونشر “ثقافة التسامح” بين جميع الناس، من خلال إعلاء قيّم إحترام الآخرين وحقهم في إعتقاد ما يشاؤون، وعدم النظر اليهم بإنتقاص من مكانتهم وآدميتهم لمجرد كونهم مختلفين سواء في أفكارهم أو لغتهم أو لونهم أو ديانتهم، الأمر الذي يضمن للجميع الحق في الحياة الكريمة الخالية من “المنغصات”، ولعلها مسؤولية الأفراد في كافة المجتمعات تحويل قيمة التسامح كثقافة تنتشر في كل المجتمع كي تعم أرجاء العالم، ولا شك أن ذلك يتطلب عمل دؤوب وجهود كبيرة من قبل كافة الجهات المعنية، بدءا من الأسرة الصغيرة في البيت أو المدرسة، أو على مستوى أصحاب الفكر التنويري من رجال الدين ومسؤولين ومثقفين، فهؤلاء يملكون القدرة الحقيقية على الإرتقاء بـ “عقل الانسان”، وعاطفته وتحصينه من الأفكار الدخيلة على مجتمعاتنا، والتي من شأنها تهميش الآخر المختلف وإحتقاره.
وهنا، يتوجب علينا التأكيد على أن “التسامح”، ثقافة يعتنقها الإنسان القوي، فالإنسان المتسامح يمتلك القدرة على “ضبط النفس”، ومجابهة رغبته الداخلية في الإنتقام في بعض المواقف ذات الطبيعة الحادة، وهنا تكمن قوة الشخصية في الإنسان، لأن من يستطيع أن يتسامح ويعفو، فهو بالتالي قادر على النجاح والتميز وترك “الأحقاد”، التي تقلل من حيويته وإقباله على الحياة، وقدرته على تجاوز المشكلات التي تعترض طريقه.
ومفهوم “التسامح” يتسم بخاصية عميقة، فهو ينشر رسالة تفاهم ومحبة سامية بين الناس، ويساعد على تقوية وتعزيز تماسك الروابط الإنسانية بين أبناء المجتمع الواحد، ومن شأنه إعادة ترميم وإصلاح العلاقات البينية بين الأفراد على المستوى الأدنى، وبين المجتمعات على المستوى الأشمل، وهو يساعد على نبذ أسباب الفرقة والاختلافات، ويشكل دعامة أساسية لبناء وإستقرار أي مجتمع متماسك.