كافة الحقوق محفوظة © 2021.
بقلم جواهر القاسمي : هكذا تنهض الأمم وتبنى الحضارات
بقلم قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة مؤسسة الشارقة لرياضة المرأة
أيام قليلة مضت على انتهاء النسخة الخامسة من دورة الألعاب للأندية العربية للسيدات، ودّعَنا هذا الحدث الذي أصبح الأهم والأضخم على صعيد رياضة المرأة في الوطن العربي تاركاً في نفوسنا مشاعر الفخر والاعتزاز والأمل. فخر بما أنجزته جهود الأندية واللاعبات والمؤسسات الشريكة والداعمة التي أثبتت أن أهم وأعظم المنجزات في التاريخ كانت في معظمها نتاجاً للعمل الجماعي المشترك، واعتزازاً بمكانة الرياضية العربية وثقتها بنفسها وإيمانها بقدراتها، وأملاً بترسيخ المكانة التي تستحقها هذه الأمة على ساحة العمل الإبداعي العالمي.
وبفعل الجهود والتنسيق والتعاون، لم نشهد خلال أحد عشر يوماً من المنافسات والانتصارات، مجرد دورة ألعاب لرياضة المرأة، بل مشهداً حضارياً متكاملاً، تشكّل بالتعاون والعمل المبدع وبالقيم الراقية التي جمعت كافة المشاركين، فمن سمات الرياضة أنها تخرج أفضل ما في الإنسان وتجعله يتجاوز الحدود التقليدية لقدراته، تصقل ثقافته وتعمق أخلاقياته وتعزز روابطه مع محيطه، وتعوده على الشراكة والعطاء والثقة بالآخرين واحترام دورهم، كل هذا كان مجسداً على ساحات المنافسة ومدرجات الصالات والملاعب وفي كواليس الألعاب حيث فرقٌ كاملة تبذل جهوداً جبارة ليخرج هذا الحدث بما يليق بطموحات المرأة ومجتمعاتنا العربية. في مشهد يقول هكذا تنهض الأمم وتبنى الحضارات.
لقد بدأت مسيرة رياضة المرأة العربية في الشارقة منذ البدايات. وللحقيقة لم أتصور بأنني سأشهد هذا العدد من اللاعبات العربيات المحترفات بمستوى يرتقي للمعايير العالمية بهذه السرعة، لكن بجهد الأندية وعطاء المدربين والمدربات وإيمانهم بما تملكه المرأة العربية من قدرات، تحقق هذا الحلم وتقلصت المسافة بيننا وبين طموحاتنا، بل صرنا أجرأ على توسيع مدى هذا الطموح ليصبح بلا حدود، لذلك نحن نعتز بكل لاعبة وإدارية في أنديتنا العربية ونعتز بأنها من هذه الأرض ونعدها بأن الشارقة لن تبخل على هذه المسيرة أو تتردد عن مواصلتها.
إن إيماننا برياضة المرأة يتسند للكثير من الحقائق، فبعض الدول تخصص لتهيئة بيئة رياضية مناسبة للشباب والرجال مبالغ ضخمة تفوق بكثير ما تخصصه لرياضة المرأة، علماً أن المرأة في مجتمعاتنا ركيزة فهي الأسرة ونواة المجتمع والأمة، ورحم الله شوقي عندما قال: “الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق”. والإعداد لا يكون في جانب دون آخر بل إن الإعداد بالرياضة يشمل كافة نواحي الحياة ومتطلباتها من ثقافة وخلق وسلوكيات وقدرة على مواصلة العطاء.
لقد أثبتت دورة للأندية العربية للسيدات إمكانية تجاوز النقاش التقليدي حول قدرة شراكة المرأة في المجالات كافة أو عدم قدرتها. حيث قالت المرأة كلمتها في ساحات المنافسة وأثبتت أنها قادرة ليس فقط على الشراكة، بل وعلى أن تكون من رموز هذه الأمة التي يحق لها أن تفخر بمنجزات أبنائها وبناتها، وتحتاج لهذه المنجزات كي تعزز من رصيدها الحضاري ودلالات تقدمها، والدلالة الأهم على التقدم اليوم هي مقدار مشاركة كافة فئات المجتمع في الفعاليات والنشاطات المختلفة بدون تمييز أو انتقاص من حق أحد.
إن الرياضة حق وليست مجرد ترف، أداة بناء وليست تسلية، ضرورة تنموية وليست خياراً، هذا ما يجمع عليه العالم اليوم وهذا ما تعلمناه من كل فرد ومؤسسة شارك وشاركت في دورة الألعاب للأندية العربية للسيدات، وعلى هذه الحقائق نبني خططنا المستقبلية التي تقوم جميعها على الجهوزية والاستعداد، وأخيراً فلتكن استعداداتنا على قدر أحلامنا وطموحنا، ولنواصل الجهود لننجز المزيد، فالنجاح في هذه الحياة من نصيب المجتهدين والمجتهدات ونحن على ثقة باجتهادكم واجتهادكن ولا زالت أيام وليالي المنافسات تثبت أنكم على قدر وبحجم الأمل.