كافة الحقوق محفوظة © 2021.
الملاكمة الأردنية في طوكيو 2020.. ما عوامل الإخفاق؟
سراب نيوز _ عن الغد محمد عمّار
يعتبر الوصول إلى الأولمبياد إنجازا بحد ذاته لكافة الرياضيين، بيد أن الأهم هو العمل بكل قوة لتحقيق النجاح خلال الدورة لاحقا، لأن التاريخ يتذكر فقط من يسجل اسمه بحروف ذهبية.
وضع الشارع الرياضي المحلي، آمالا عريضة على الملاكمة لتحقيق ميداليات في أولمبياد طوكيو 2020، وكانت هناك توقعات بأن يجني خماسي الملاكمة المشارك في الدورة، ميداليتين على أقل تقدير، على ضوء النتائج المميزة التي حققها الملاكمون الخمسة في التصفيات التأهيلية عن قارة آسيا، وسبق لاثنين منهما أن شاركا في اولمبياد ريو دي جانيرو العام 2016، الأمر الذي وفر عامل الاستفادة من أخطاء وتجارب الماضي.
لكن ما حدث كان معاكسا للتوقعات، وخرج فريق الملاكمة الأردني المشارك في طوكيو، بحصيلة صفرية من الميداليات، ومحملة بخمس هزائم مقابل فوز وحيد كان من نصيب حسين عشيش، وهو ما يجعلنا نتساءل.. ما الذي جرى؟ وما هي أسباب الإخفاقات؟ ومن يتحمل المسؤولية ؟ الاتحاد السابق أم اللجنة المؤقتة الحالية؟ الجهاز الفني أم اللاعبون انفسهم؟
نجحت الملاكمة الأردنية في ايصال 5 من لاعبيها، هم محمد عبدالعزيز الوادي (وزن 57 كغم)، عبادة الكسبة (وزن 63 كغم)، زياد عشيش (وزن 69 كغم)، عدي الهنداوي (وزن 81 كغم) وحسين عشيش في (91 كغم)، وفرت اللجنة الأولمبية الاستعدادات المناسبة لهؤلاء اللاعبين، وسخرت كل طاقاتها وامكانياتها بعمل دؤوب ومعسكرات خارجية في قارات مختلفة، وتضمنت هذه المعسكرات نزالات ودية، لكن النتائج النهائية لم تكن بمستوى الطموح.
عامل اللياقة البدنية
كانت هناك آراء مختلفة بشأن العوامل التي أدت لهذه المشاركة السلبية، فهناك مدربون ولاعبون سابقون مثلوا الأردن في استحقاقات سابقة، حملوا الإعداد البدني المسؤولية التامة لما حدث، فمنهم من يعتقد أن الإعداد البدني كان مخالفا لاعراف وتدريبات الملاكمة؟ ومنهم الآخر يظن أن الأحمال التدريبية الكبيرة على اللاعبين جاءت بنتائج سلبية.
ويتوجب الإشارة إلى أن مدرب اللياقة رافق المنتخب في كافة المعسكرات الخارجية، وانتهت مهمته مع المنتخب قبل يومين من انطلاق الاولمبياد، وإذا كان هناك انخفاض في لياقة الملاكمين خلال النزالات لعدم وجود مدرب لياقة مرافق، فإن هذا يخفف من مسؤولية الأخير، علما بان المدير الفني أندريه ضغط من أجل سفر مدرب اللياقة إلى اليابان دون فائدة.
أغلب الملاكمين الذين هزموا خماسي الملاكمة الأردنية، ودعوا الأولمبياد من الأدوار التالية، ولم يتمكن أي منهم الوصول لمنصات التتويج، وهذا يضع أكثر من علامة استفهام، رغم تأهل زياد عشيش وحسين عشيش للدور الثاني بالقرعة بسبب تصنيفهم، إلا انهما خرجا من الدور التالي، وحتى اللذين تغلبا عليهما، غادرا الأولمبياد في المحطة التالية.
الجهاز الفني
الكثير من أقطاب اللعبة فنيا، حملوا الجهاز الفني مسؤولية الخسائر التي لحقت بلاعبي المنتخب، وكانت الانتقادات موجهة نحو المدير الفني الأوكراني أندريه، وهو مدرب كيك بوكسينغ أساسا وليس مدرب ملاكمة، لتتوجه الأسئلة إلى المسؤولين عن استقدامه، بشأن المعايير التي تم الاستعانة بها لتعيين هذا المدرب، علما بأن المعلومات المتوفرة كانت تشير إلى وجود مفاضلة بينه وبين مدرب أوزبكي، الثاني طلب 5 آلاف دولار شهريا، فيما طالب أندريه براتب شهري قدره ألفي دولار.
فضل مراقبون عدم إثارة هذا الموضوع في حينه، خشية اتهامهم بعرقلة مسيرة منتخب الملاكمة، لكنهم في الوقت ذاته، أوصلوا قلقهم مما حدث إلى اللجنة المؤقتة التي كانت على قناعة تامة ومعرفة أكيدة، بيد ان الوقت المتبقي لانطلاق الأولمبياد لم يكن كافيا لتغيير الجهاز الفني.
ولنكن منصفين، لا يمكن الانتقاص من الدور الذي قام به أندريه مؤخرا، وهو ما ينطبق على مساعد المدرب نبيل حيمور الذي لا يحمل أي درجة تدريب دولية، بيد أنه أشرف على تدريب ملاكمين أوروبيين محترفين.
اللجنة المؤقتة لا تتحمل أي مسؤولية لما حدث، لانها استلمت مهمتها قبل وقت قصير من انطلاق الاولمبياد، فلم تنجح في أي مسعى وبقيت تراوح مكانها، بل أعادت إلى الاتحاد بعضا من أعضائه السابقين، وهو ما أسهم إلى حد كبير في إبقاء الوضع على حاله دون تغيير.
وفي تصريح خاص لـ”الغد”، أكد أندريه، أن نجوم المنتخب قدموا ما لديهم في الاولمبياد، وكانوا مميزين على الحلبة، ولعبوا بكل قوة وسط إرشادات متتالية، إلا أنهم اصطدموا بواقع التحكيم الرديء، وهذا مؤكد من خلال قائمة الميداليات والتي خلت من معظم لاعبي المنتخب الأوزبكي الأفضل على مستوى العالم.
الظلم التحكيمي
ليس معروفا السبب وراء عدم وجود حكام أو قضاة أردنيين في منافسات الملاكمة الأولمبية، رغم أنهم حكام يشهد لهم بمهنيتهم وقدرتهم على إدارة النزالات واحتساب نتائجها بطريقة عادلة، والدليل على ذلك، مشاركتهم في كافة المحافل الإقليمية والدولية.
وجود حكام أردنيين كان سيمد الملاكمين بالمشورة التحكيمية، كما سيعزز التواجد الأردني في هذا المحفل، نضيف إلى ذلك، أن المدرب باسل الهنداوي الذي رافق المنتخب في كل معسكراته، تم استبعاده من الجهاز الفني المرافق دون إبداء الأسباب، وكان الأجدر الابقاء عليه مساعدا لاندريه، كونه يعرف كيف يصوب أوضاع الملاكمين نفسيا على الحلبة.
ويوقن مراقبو رياضة الملاكمة بأن الخسارة 2-3 هي مسؤولية المدرب مباشرة، بسبب سوء قراءته للخصم، وهو ما يجعلهم يتساءلون عن طبيعة توجيهات أندريه لكل من عدي الهنداوي وزياد عشيش في نزاليهما؟ رغم وجود قناعة مطلقة بتعرضهما للظلم.
وكما أسلفنا، فان الجانب البدني كان أثره سلبيا على نجوم المنتخب، خصوصا فيما يتعلق باستنزاف منسوب اللياقة البدنية بعد الجولة الثانية لدى كل اللاعبين، وهو أمر يثير الاستغراب بسبب خوض الملاكمين لمعسكرات إعدادية مكثفة في أوزبكستان وبولندا وتشيكيا والولايات المتحدة وروسيا، ناهيك عن المعسكرات الداخلية في مركز الإعداد الاولمبي، وكان الأجدر بالجهاز الفني أن يعد خطة لعب من 3 فصول حسب المنافس، والتدريب المكثف على الضرب في حالة الدفاع التي تمتع بها أغلب لاعبي العالم من خلال متابعتنا لنزالات الأولمبياد.
الجميع يتحمل المسؤولية، حتى المشهد الإعلامي لم يثر بعض النقاط التي دار حولها تساؤلات خلال مشوار الإعداد مثل مسألة الجهاز الفني، خشية التأثير على استقرار اللاعبين أو إحداث بلبلة لن يكون توقيتها مناسبا.
بقي أن نذكر أنه من المقرر ان تتخذ اللجنة المؤقتة خلال الأيام القليلة المقبلة، قرارها بالمشاركة ببطولة العالم والتي ستجري في صريبا خلال شهر تشرين الأول (اكتوبر) المقبل.