كافة الحقوق محفوظة © 2021.
“ابو مرزوق “ثقافة باب الحارة .. ! ….حسين الذكر
” الحرفي يعمل بيديه، والمهني بعقله، والفنان بقلبه وعقله ويديه ”
غوته …
كثير من العرب في مشارق الوطن الكبير الممتد من طنجة حتى بغداد يتحدثون عن سلاسة وجمالية اللهجة المصرية .. مع ان اغلب العرب يحبون لهجات غيرهم لاسباب تتعلق بكرم التقييم واخلاقيات المجاملة وحب الانتماء العربي بكل اشكاله .. ذلك السرد ليس من باب تطييب الخواطر لكن ثمة ملفات ثقافية عملت او ادت بتلقائية الى النتيجة الحتمية .. ( فالنيل تؤلف والشام تطبع وبلاد الرافدين تقرا ) .. تلك الجملة بمفهومها الاوسع تضم بين جنباتها كثير من الحقيقة .. اذ كان الكتاب والمطبوعات والصحف والمجلات مصدر للاعلام وتبادل وانتشار الثقافة والمعرفة .. بل ولغة التواصل الروحي والمادي ما بين شتات العرب المنتشرين في اصقاع مشارق الارض ومغاربها .
السينما والمسرح والتلفزيون المصري وقبلهما الصحف والمجلات والكتب كلها مقدمات ثقافة تعمم للامة .. كان فيها الفضل لمثقفي وفناني بلاد النيل لتنتشر وتعزز وتترسخ في بقية مدن الوطن الممتد من طنجة حتى بغداد .. هنا مربط الفرس .. فكل عطاء عربي يتاح له ان يطرق باب العرب سيفتح له القلب والحضن قبل الجيب والمضيف . انها ثقافة انتمائية تعبيرية عن وجدان امة لا بد لها ان تولد من جديد .
باب الحارة تلك الدراما العربية الشهيرة الناطقة بلهجة شامية عذبة لكنها تغازل الوجدان العربي كله وتكتسح بيوت العرب من اقصاها الى اقصها .. في اعادة لقراءة جديدة للتاريخ بمطلع قرنه الماضي بتداعياته وخلفياته السياسية والقيمية والمعرفية والوشائجية .. ابدع المخرجون والمؤلفون والسينارست والممثلون وبقية فريق العمل المتكامل باخراج تحفة عربية تعادل الاف المحاضرات البائسة في جامعات شتى .. من بين تلك النجوم الفنية المتلألئة في سماء بيت الحارة .. ظهر الفنان السوري العربي محمد الشماط بشخصية تتجلى فيها القدرة الفنية على تجسيد الحالة وابلاغ الرسالة .. هنا قضية اخرى.. فالتمثيل بكل اجناسه والوانه والياته ومخرجاته … ينبغي ان لا يكون لاجل الضحك والبكاء او مصدرا للرزق .. بقدر ما يحمل من رسالة لبناء جيل تعتد به الامة .
ابطال بيت الحارة السورية تتحدث عن شخصيات بيوت الشام واهليها في زمان لم يول من الذاكرة بعد .. ذلك السوري الشهم الغيور ظهر بشخصية بسيطة كتحفة شعبية تحمل ثقافة الصد والمقاومة والصبر والتجلي … بعيدا عن اقدام المحتل وسياسات الاذلال والسيطرة وسرقة الشعوب ..
تحت واقع ما تعانيه سوريا في السنوات الاخيرة هاجر الفنان محمد الشماط الى الولايات المتحدة يقضي بقية ايامه … في غربة لا يمكن ان تكون طوعية .. بعد ان ضاقت فسحت عيش ظلال جبل قاسيون وتحف بلاد الشام تحت واقع الحصار والارهاب والعذاب .. لترقد عينه بسلام بعد خمسة وثمانون عام حرص ان لا تذهب سدى .. اغمضت عيناه ليدفن في مقابر المسلمين ببلاد العم سام بعيدا عن الفرات وقاسيون وشاطيء البحر المتوسط .. كثير هم من نعوه الا ان اغلب النعي العربي تركز على بيت الحارة ودوره فيها كحامل رسالة فنية يدخل البيوت والاسر العربية يتجلى بقيم يرسخها ومباديء يؤصلها واخلاق يجسدها … كانه احد افرد اسرة الوطن الكبير بلا منازع ..
كتب احدهم : ( باب الحارة .. وداعا جيل القيم والمباديء ) .. !!