كافة الحقوق محفوظة © 2021.
ولدي ( انصار ) .. ترجمان مواجع شعب !!
الكاتب الصحفي حسين الذكر
( قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ) .
هكذا جائني الرد حينما فتحت المصحف الشريف .. فوقعت عيني على ( نحن انصار الله ) .. فاسميته ( انصار ) .. فجر يوم 9- 1 – 1991 كنت جنديا احتياطا على الحدود بغياب التواصل والاتصالات واشتداد ازمة الكويت حينما حلمت باني رزقت بولد .. فقررت الوصول الى بغداد باي ثمن قبل اندلاع الحرب المشؤومة .. اتفقت مع الجنود لان الاجازات ممنوعة ثم زحفت بوسائل شتى كي التقي ( انصار ) الذي فتحت عين الابوة والمسؤولية الحقيقية فيه .. حضنته وقبلته وبقيت معه ثلاثا لاتركه وامه مودعا نحو مجازر الموت والمصير المجهول ..
كبر وكبرت معه فرحتي وسجلته في الابتدائية .. كنت بقمة احساسي بالسعادة وانا اشتري له الملابس والحقائب والكتب والدفاتر .. كان الأول على صفه .. بالطريق التقينا مع صديقي السياسي المخضرم ( عبد الحسين الغالب رحمه الله ) .. فقبل انصار وقال : ( لا تفرح بان يكون أولا متميزا .. بل ادعو له بالحظ ) .
بعمر 12 سنة اكمل الابتدائية أولا على بغداد .. وقد اضطرتني ظروف الحصار الظالم وحالة الاستبداد السائدة نشغيله بمحل صديق في العطلة الصيفية كي يساعدني بدفع اجار البيت وقد استهواه العمل والحاجة الملحة دفعته لترك الدراسة ..
بعد 2003 وتحت قسوة الهجمات الإرهابية والطائفية المقيتة وخوفا عليه شجعته على العمل كمصمم صحفي ثم سجلته بمدرسة التحكيم الكروي عام 2005 التي افتتحت بعهد الكابتن حسين سعيد .. واستمر عاملا بالاعلام والرياضة حتى بلغ حكم درجة أولى بسن عشرين سنة .
عام 2012 اشتريت له سيارة .. ثم تزوج عام 2015 وانجب تؤمه الاعز ( اصطفاء وارتضاء ) .. وتم تعيينه بوزارة الشباب والرياضة .. بعدها بدا وضعه يتدهور وتسوء حالته الصحية لاسباب شتى منها خراب البلاد وانتشار الفساد … لم اوفق لمعالجته برغم كل الجهود والأموال والانقطاع له .. حتى اصطبغ مؤخرا بالصفار الحاد اضطرني دخوله المشفيات والأطباء الذين كانوا يطلقون على قلبي رصاص الحقيقة التي اخفيها عنه واتحملها بنحيب وصبر داخلي معذب ..
مطلع شهر رمضان لم يعد يتقبل الاكل والشرب .. نزل علي من غرفته اثناء السحور قائلا : ( بابا ساموت قريبا .. اوصيك ان تدفني قرب جدتي وان يصلي على جنازتي عمي علي ) .. ثم ادخلته مشفى الكاظمية عشرين يوم توسلت الأطباء والملاكات لسماع بارقة امل بحياته دون جدوى .. كم كانت تلك الصراحة قاسية وموجعة .. فصدمت حينما شعرت سيره نحو مصيره المحتوم .. توسلت الله : ( رباه ان كان ولابد ان تاخذه .. ارجو ان لا يموت امام عيني ) ..
فجر الأربعاء 11- 5 – 2022 اتصل ابني كبرياء شريك الحزن والماساة ، قائلا : ( بابا اسرع .. انصار في خطر) .. لم اعرف ماذا افعل وجرت انهار الدمع بلا هوادة وهرعت مسرعا .. فسمعت بالطريق يرددون ( لا اله الا الله ) .. فعلمت ان الفاجعة قد حلت وولدي فارق الحياة ..
اثناء التشيع فيما كان العالم كله لا يسعني .. حضنت أبنتيه وسالتهما : ( اين انصار .. ) .. فقالتا ببراءة وطفولة شقت صدري وزادت بلوتي : ( بابا مات .. لم يات بعد اليوم يا جدو ) ..
بمجلس تابين اقامته وزارة الشباب والرياضة على روحه .. جلست مع المعزين في القاعة التي طالما دعيت لحضور المؤتمرات فيها .. وكنت أرى ولدي انصار مع زملائه ينهضون بشؤون تنظيم المؤتمر .. الا هذه المرة لم اره بينهم .. لكن صورته مكللة بالورد وضعت بباب القاعة .. كتب عليها ( انا لله وانا اليه راجعون الفقيد الحكم الكروي انصار حسين الذكر ) .