كافة الحقوق محفوظة © 2021.
تقرير: كأس العالم يحلق بالاقتصاد القطري ويعزز مقومات التنمية المستدامة
(بترا وفانا)-
مع بدء العد التنازلي لانطلاق فعاليات بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022، يطرح خبراء الاقتصاد عددا من الأسئلة حول مدى انعكاس البطولة على الأداء الاقتصادي لقطر على المديين المتوسط والبعيد، في ظل ما تتوقعه العديد من مراكز الأبحاث والمؤسسات الدولية من أداء جيد للاقتصاد القطري، رغم الأزمات المتتالية التي يمر فيها العالم حاليا، وما قد ينجم عنها من تباطؤ في النمو الاقتصادي وارتفاع غير مسبوق في معدلات التضخم.
ورغم التوقعات المتشائمة للاقتصاد العالمي، فإن الاقتصاد القطري يغرد خارج السرب، وبشهادة صندوق النقد الدولي، الذي توقع مؤخرا أن تصل نسبة النمو الاقتصادي لقطر إلى 4.9 بالمئة، مدعوما ومدفوعا بالعديد من العوامل الأساسية، في مقدمتها الارتفاع المستمر لأسعار الغاز، واستضافة الدولة لبطولة كأس العالم FIFA قطر 2022.
ووفقا للتقرير الاقتصادي الذي اعدته وكالة الانباء القطرية (قنا) لصالح اتحاد وكالات الانباء العربية (فانا)، تقدر العائدات المالية المباشرة من تنظيم بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022 بنحو 8 مليارات ريال (2.2 مليار دولار)، فيما تقدر العائدات الاقتصادية طويلة الأجل، خلال الفترة من 2022 إلى 2035 بنحو 9.9 مليار ريال (2.7 مليار دولار)، وسط توقعات بارتفاع عائدات السياحة، التي من المنتظر أن تزدهر خلال فعاليات كأس العالم وما بعدها.
وفي هذا السياق، يؤكد رئيس رابطة رجال الأعمال القطريين الشيخ فيصل بن قاسم آل ثاني، أنه منذ الإعلان عن فوز قطر بتنظيم كأس العالم، تعمل الحكومة بالشراكة مع القطاع الخاص جاهدة على استكمال مشاريع البنية التحتية وغيرها من المشاريع الخدمية.
وأوضح أن كأس العالم تعد فرصة مناسبة لتحقيق أهداف رؤية قطر 2030، وقال: “لقد تم إنفاق ما يزيد على 200 مليار دولار على المرافق الأساسية من طرقات وجسور وموانئ ومطار ومترو أنفاق ومساكن وسياحة ومناطق حرة، وهذه البنية التحتية ستتحول إلى مكاسب فيما بعد الانتهاء من تنظيم البطولة المرتقبة”.
وقال: “كأس العالم ستكون نقطة قوة لجذب الاستثمار الخارجي، وهو ما نعمل عليه حاليا في حضورنا الخارجي وترويجنا لقطر، وستنعكس إيجابا على مستقبل البلاد كوجهة استثمارية وسياحية قادرة على رفع تحديات المنافسة”.
واستبعد آل ثاني أن يدخل الاقتصاد القطري مرحلة ركود بعد تنظيم فعالية بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022، خاصة في ظل مواصلة تنفيذ المشاريع المرتبطة برؤية قطر 2030، مؤكدا “الإنفاق على مشاريع كأس العالم يزيد الناتج المحلي الإجمالي 1.5 بالمئة”.
بدوره، أكد الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالله الخاطر أن تأثير تنظيم قطر لفعاليات بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022، بدأ يظهر منذ لحظة الإعلان عن فوز قطر بتنظيم الفعالية عام 2010، من خلال توحيد توجهات أصحاب القرار ومختلف القطاعات في الدولة نحو هدف واحد.
وقال: “لقد أطلقت الدولة مشاريع في مجالات مختلفة خلال الفترة الماضية، وصل فيها معدل الإنفاق إلى 500 مليون دولار أسبوعيا”.
وأضاف: “تأثير البنية التحتية التي تم إرساؤها لن يقتصر فقط على فترة كأس العالم، بل يمتد إلى ما بعدها، خاصة في ظل إطلاق مشاريع ضخمة في مجال إنتاج الغاز المسال، وما يعنيه ذلك من توفير موارد مالية يمكن أن تستخدم لتنويع النسيج الاقتصادي للدولة”.
ولفت الخاطر إلى أن قطاع الطيران والضيافة سيكون من أكبر المستفيدين خلال الحدث الرياضي الأبرز الذي تشهده الدولة، مشيرا إلى أن هذه الاستفادة ستتواصل بعد الفعالية، حيث سيزيد الانطباع الجيد عن الدولة، وما يعنيه من زيادة في تدفق السياح، والمزيد من استعمال ناقلتها الوطنية “القطرية” التي تحتل في الواقع مكانة متميزة بين شركات الطيران العالمية.
وتؤكد التقارير أن مثل هذه الفوائد واضحة من خلال قراءة لبطولات كأس العالم الماضية، خصوصا التي أقيمت عام 2006 في ألمانيا، والتي أسهمت في رفع ترتيب علامتها التجارية على الميزان العالمي من رقم 7 إلى الرقم 1.
ومن ثم فإن بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022 ستلعب وفق التقارير، نفس الدور الذي لعبته بطولة كأس العالم في ألمانيا من خلال رفع العلامات التجارية لكبريات الشركات القطرية.
وتشير التقارير إلى أن الإدارة الفاعلة والتسويق الجيد للعلامات التجارية للدولة، ستساهم في خلق قيمة تجارية وطويلة الأجل،إلى جانب دورها في دفع نمو الناتج الإجمالي لأكثر من 25 سنة مقبلة.
وإضافة إلى العلامات التجارية، فإن السياحة سيكون لها نصيب من فوائد البطولة، فسوف يتراوح عدد المشجعين في قطر بين 1.2 و1.5 مليون مشجع، وستكون لديها فرصة من خلال ذلك لتزويد زوارها بخبرة استثنائية، ومن ثم ضمان تكرار زيارتهم، ما سيؤدي حتما إلى ارتفاع عائدات القطاع السياحي خلال السنوات التي تتبع المونديال.
وبين الخبير الخاطر أن كأس العالم ستكون بوابة قطر نحو آفاق نمو أرحب في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية، وستساهم في مزيد من الانتشار لصورة قطر حول العالم.
من جهته، لفت الكاتب الاقتصادي سعيد خليل العبسي إلى أن كأس العالم ستكون فرصة للعالم للوقوف على القدرات والخبرات التي اكتسبتها قطر في تنظيم أكبر الفعاليات الرياضية، وهو ما سيزيد تعزيز رصيد الثقة في التعامل مع قطر في مختلف المجالات، وفتح الأبواب لتصدير الخبرات التي اكتسبتها الشركات القطرية في العديد من المجالات المتعلقة بتنظيم الفعالية، خاصة في مجال إرساء البنى التحتية، وكذلك الفندقة والضيافة.
وقال : “البنية التحتية التي أنشأتها دولة قطر على درب الإعداد لكأس العالم سيكون لها دور كبير في تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي تضمنتها رؤية قطر للعام 2030، حيث سيكون لها انعكاس مباشر وغير مباشر من حيث العوائد على حركة التجارة والنقل والخدمات، بالإضافة إلى ترويج لقطر كعاصمة عالمية للرياضة، والاختصاصات المرتبطة بها على غرار مراكز تدريب وتأهيل الفرق الرياضية قبل انطلاق المواسم الرياضية وأثناء فترات الراحة، بالإضافة إلى السياحة العلاجية وغيرها”.
وأضاف العبسي أن استضافة قطر لملايين الزوار تعد فرصة كبيرة لإبراز دورها وما حققته خلال السنوات الماضية من تطور وتنمية في مختلف المجالات، وهي أيضا فرصة كبيرة لتعريف العالم بقطر وموقعها وإنجازاتها الكبيرة.