كافة الحقوق محفوظة © 2021.
*الأردن في نصف نهائي القارة: حلم ليلة صيف*
د. نخلة أبو ياغي
عبر المنتخب الوطني الأردني معمودية النار و تأهل الى نصف نهائي أمم آسيا بكرة السلة بفوزه التاريخي على العملاق الإيراني ٩١-٧٦ بعد مباراة كانت تحفة في التخطيط و الإصرار و التنظيم و إرادة الفوز، و مع صافرة النهاية رفع نجم المنتخب أحمد الدويري يده الى السماء، فهناك وعد عزيز آن أوان تحقيقه هذه الليلة.
من رحم الصعوبات ولد هذا الفريق اليوم بطلا مناضلا وضع نصب عينيه هدفا عظيما يسعى إليه. و اذا كان الفوز الدرامي على الصين تايبيه قد شحن الرفاق بطاقة غامرة جعلتهم يؤمنون أن كل شيء ممكن، الا ان الانتصار المدوي اليوم على ايران بطلة القارة ثلاث مرات لم يكن صدفة، بل جاء نتيجة عمل متراكم دؤوب.
أرفع القبعة للمدرب الوطني وسام الصوص، فقد صبر و اجتهد و تعامل مع نقاده – وأنا منهم – بأناة و حكمة. و قد اعتدت أن أشاهد مؤتمراته الصحفية في البطولة بانتباه: فالرجل ذكي و متواضع و متحدث لبق، لم يستسلم و لم يفتّ في عضده و لم يلعن منتقديه، و حتى عندما شعر بأن “الجميع في الأردن ضد المدرب”، بقي هادئا يعمل على بناء الفريق، و قد نضج الفريق اليوم أمام خصم مهيب.
الفوز العظيم الذي سجل اليوم يحمل معان كثيرة، فالأردن يعود لنصف نهائي القارة منذ كان الصوص نفسه لاعبا مع فريق تاب بالدوين قبل إحدى عشرة سنة. كما ان مباراة اليوم حملت تفاصيل دقيقة لها أهمية بالغة، فقد نجح نجم الأردن الكبير أحمد الدويري في أن يقف ندا قويا للأسطورة الإيرانية حامد حدادي بل و يتفوق عليه. كانت المقارنات بين النجمين دائمة الحضور، خصوصا بحكم المركز الذي يلعبان فيه. حدادي صنع مجد إيران لسنين طويلة، و اليوم يضع الدويري مدماك الفخر مع النشامى.
في المؤتمر الصحفي الذي تلا المباراة سكب الدويري روحه أمام الصحفيين. كان النجم الذي ينشط في تركيا قد قطع وعدا مقدسا قبل سنوات لوالده الراحل، و ها هو النشمي الذي كان تمثيله للأردن في مرحلة ما محل بحث يكتب اسمه مع رفاقه في كتب التاريخ، فهل يستمر الوعد خطوتين أخريين؟
هذا الفريق يستحق التحية و الحب، فقد صنع من الجدل حوله طاقة ايجابية، و شعور العائلة الواحدة التي يعاضد الإخوة فيها بعضهم أصبح جامحا لا يمكن إخفاؤه… هذه الكتيبة يصهرها الألم فتصنع الانجاز (محمد شاهر يتجالد رغم إصابته في الركبة و فريدي إبراهيم يتجاوز كبوته المعنوية كعقل مفكّر للفريق)، ورغم أخطاء الماضي و مشاكل الإعداد و المخاض الإداري العصيب الا أن الفريق نجح، و لذا فمن العدل دعمه، فماذا كان سيفعل الأبطال لو كانت الظروف أفضل؟
ربما لا تزال في الأفق الصيفي إجابة أروع، و لا يمنع أبدا أنها تمر من بوابة الشقيق اللبناني اللدود، واذا أردنا أن نكون في المشهد النهائي الكبير فعلينا أن نجد حلا لوائل عرقجي و رفاقه، و أما بعدها فكل شيئ ممكن، و لاقتبس من فم رجل الساعة المهذب بالذات… علينا فقط أن نؤمن…