كافة الحقوق محفوظة © 2021.
مدى دستورية النصوص القانونية التي تجيز للإدارة نزع الملكية للمنفعه العامة
الكاتب مرشد محمد القراله أحد خريجي كليات الحقوق من الجامعات الاردنية
إن إنتزاع الملكية أو ما يسمى بالإستملاك هو أحد الوسائل القانونية التي تلجأ إليها الإدارة بغيه تحقيق الصالح العام ، والجدير بالذكر أن الإنتزاع يتم جبرا ودون الوقوف على رضاء المالك ، ولذلك حرص المشرع الدستوري الذي عني بالحفاظ على حق الملكيه وصونه وإحترامه على وضع ضوابط لذلك وإستلزم أن يكون مقابل هذا الإستملاك أو الإنتزاع تعويض عادل يتناسب مع ما لحق المالك من ضرر وتحقيقا لهذه الغايه نصت الماده رقم (11) من الدستور الاردني على أن “لا يستملك ملك احد الا للمنفعة العامة وفي مقابل تعويض عادل حسبما يعين في القانون ”
إلا أن الماده رقم (58 )من قانون تنظيم المدن والقرى جاءت مثقله بشبهه عدم دستوريتها وذلك بحرمانها المالك من التعويض العادل الذي كفله له الدستور الاردني لسنه 1952 وتعديلاته حيث نصت الماده رقم (58) من القانون أعلاه على أن :-
“على الرغم مما ورد في اي قانون اخر يكون لمجلس التنظيم الاعلى وللجان التنظيم اللوائية والمحلية صلاحية نزع ملكية اية ارض مشمولة في مخطط تنظيم مقرر وضرورية لفتح او لانشاء او تحويل او توسيع اي طريق او شارع او ميدان او حديقة او ساحة عامة او موقف عام بدون تعويض عنها على ان لا تزيد هذه المساحة المنزوعة ملكيتها من الارض او مجموعة من الاراضي على 25% من كامل مساحتها ويشترط في ذلك ان لا تزيد هذه النسبة في اي وقت من جراء تعديل او توسيع ميدان او طريق ويحق لمجلس التنظيم الاعلى وللجان التنظيم اللوائية والمحلية المعنية بعد اعطاء المالك مهلة شهر واحد باشعار كتابي ان تضع يدها في الحال على هذه الارض او مجموعة الاراضي التي لا تزيد مساحتها على 25% من المساحة الكاملة كما ذكر للغايات التي سلف بيانها من قبل اللجنة المعنية بعد اعتبار جميع ظروف القضية واذا اخذ في اي وقت اكثر من 25% من مساحة الارض يدفع تعويض لصاحبها عما زاد على هذه النسبة. 2. على الرغم مما ورد في اي قانون اخر يكون للجان التنظيمية اللوائية والمحلية بموافقة مجلس التنظيم الاعلى صلاحية تخطيط او توسيع اي شارع او طريق او ممر معبر او درج من جهة واحدة.”
ويلاحظ مما ورد أعلاه عدم دستوريه نص الماده 58 من قانون تنظيم المدن والقرى لحرمانها المالك من التعويض العادل ،ذلك أن الماده الحاديه عشر من الدستور الاردني لسنه 1952 لم تجيز حرمان المالك من ملكه بنسبه معينه دون تعويض حتى وإن كانت هذه النسبه قليله في نظر صناع القانون ما دام العله من تقرير التعويض والحكمه منه متوفره الا وهي إزاله شعور المالك بالتعدي على حق ملكيته ولأن حق الملكيه هو حق مقدس با يجوز الإستيلاء عليه إلا فيرحالات محدده حصرا وفي أضيق نطاق .
ولأن القوانين وجدت من أجل تقنين العلاقات الناشئه بين أفراد المجتمع ولأن غايتها هي حفظ الحقوق وضمان الحريات وحمايه المصالح المشروعه ظهرت الحاجه إلى وجود المحكمه الدستوريه التي تعني بالنظر بالطعون المتعلقه بدستوريه القوانين والتأكد من إنسجامها مع النصوص الدستوريه النافذه ولها بموجب قانونها أن تحكم بعدم دستوريه النص القانوني المخالف لأحكام الدستور مما يؤدي بالنتيجه إلى إبطال كافه النتائج والاثار المترتبه عليه وهذا ما نصت عليه الفقره (ب) من الماده رقم (١٥) من قانون المحكمه الدستوريه لسنه ٢٠١٢ بقولها :- “يكون الحكم الصادر عن المحكمة نافذا باثر مباشر ما لم يحدد الحكم تاريخا اخر لنفاذه ، فاذا قضى بعدم دستورية قانون أو نظام نافذ يعتبر القانون أو النظام باطلا من تاريخ صدور الحكم ، واذا حدد الحكم تاريخا اخر لنفاذه فيعتبر القانون أو النظام باطلا من التاريخ المحدد في الحكم .”
أما عن طريق الطعن في دستوريه هذه الماده فتجدر الإشاره إلى أن المشرع الدستوري حصر الدعوى الدستورية الأصلية في يد صناع القانون وهم مجلس الأعيان ومجلس النواب ومجلس الوزارء، فهم جميعاً اشتركوا في صوغ القوانين والأنظمة وبالتالي فمن غير المتصور الطعن في عدم دستورية تلك القوانين والأنظمة الا من قبلهم إلا أن المشرع الدستوري أعطى حق الرقابة للأفراد ولكن بطريقة غير مباشرةبمعنى أن المشرع الدستوري لم يجز للأفراد اللجوء مباشرة إلى المحكمة الدستورية للطعن في القوانين والأنظمة وانما اشترط أن يتم ذلك في خصومه أمام المحاكم العادية فقد أعطت الماده رقم (١١) من قانون المحكمه الدستوريه لسنه ٢٠١٢ أطراف أي دعوى منظورة أمام المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها الحق بالدفع بعدم دستورية أي قانون أو نظام واجب التطبيق على موضوع الدعوى ويقدم الدفع بعدم الدستورية امام المحكمة الناظرة للدعوى بموجب مذكرة يبين فيها الطاعن اسم القانون او النظام الذي اثير الدفع بعدم دستوريته ورقمه ونطاق الدفع بصورة واضحة ومحددة وما يؤيد ادعاءه بان ذلك القانون او النظام واجب التطبيق على موضوع الدعوى ووجه مخالفته للدستور ، ويجوز لأي طرف آخر في الدعوى تقديم رده خلال المدة التي تحددها تلك المحكمة على أن لا تزيد على خمسة عشر يوماً من تاريخ تقديم مذكرة الدفع بعدم الدستورية .
وإذا وجدت المحكمة الناظرة للدعوى أن القانون أو النظام الذي اثير الدفع بعدم دستوريته واجب التطبيق على موضوع الدعوى وأن الدفع بعدم الدستورية جدي توقف النظر في الدعوى وتحيل الدفع الى محكمة التمييز لغايات البت في أمر إحالته إلى المحكمة ، ويكون قرار المحكمة الناظرة للدعوى بعدم الاحالة قابلا للطعن مع موضوع الدعوى ولغايات البت في أمر الاحالة ، تنعقد محكمة التمييز بهيئة من ثلاثة أعضاء على الاقل ، وتصدر قرارها خلال ثلاثين يوماً من تاريخ ورود الدعوى اليها ، واذا وافقت على الاحالة تقوم بتبليغ اطراف الدعوى بذلك .