كافة الحقوق محفوظة © 2021.
الحد الادنى للأجور بين الضرورات الإجتماعية والظروف الاقتصادية .. الاستاذ مرشد القراله
بقلم الاستاذ مرشد القرالة أحد خريجي كليه الحقوق/ جامعه مؤتة
عرف المشرع الاردني الأجر المستحق للعامل في الماده الثانيه من قانون العمل الاردني لسنة 1996 بأنه كل ما يستحقه العامل لقاء عمله نقداً أو عيناً مضافاً إليه سائر الإستحقاقات الأخرى أيا كان نوعها إذا نص عليها القانون أو عقد العمل أو النظام الداخلي أو إستقر التعامل على دفعها بإستثناء الأجور المستحقة عن العمل الاضافي .
أما عن نسبه الأجر فتكون محدده بالإتفاق بين العامل وصاحب العمل في العقد وإذا لم يتضمن العقد المذكور مثل هذا الإتفاق فيأخذ العامل الأجر المقدر لعمل من نفس النوع إن وجد وإلا قُدر طبقاً للعرف فإذا لم يوجد عرف تولت المحكمة تقديره بمقتضى أحكام القانون بإعتباره نزاعاً عمالياً على الأجر .
وبالعوده إلى قانون العمل الأردني نجد أن المشرع قام بتوفير الحماية القانونيه لأجر العامل في مواجه أصحاب العمل وذلك بموجب الفصل السابع من ذات القانون وتحت عنوان حمايه الاجر ومن ضمانات الحمايه القانونيه للأجر في التشريعات الاردنيه ما نصت عليه الماده رقم (52) من قانون العمل الاردني لسنه 1996 من حيث وجوب تشكيل لجنه ثلاثيه تتولى تحديد الحد الأدنى للأجور وذلك بصورة عامة أو بالنسبة لمنطقة أو لمهنة معينة او لفئة عمرية معينة على أن يؤخذ بعين الاعتبار مؤشرات تكاليف المعيشة التي تصدرها الجهات الرسمية المختصة ، وتنشر قرارات اللجنة في الجريدة الرسمية .
واضاف القراله أن هذه اللجنه تشكل من قبل مجلس الوزراء بناء على تنسيب الوزير وتتألف من عدد متساو من ممثلين عن الوزارة والعمال وأصحاب العمل ويعين المجلس رئيساً لها من بين أعضائها وتتخذ قراراتها بالإجماع وبخلاف ذلك تحيل الامر الى الوزير لرفعه الى مجلس الوزراء لاتخاذ القرار المناسب بشأنه
وبتاريخ 2023/1/23 أعلنت المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي في الأردن عن تطبيقها القرار الصادر عن اللجنة الثلاثية لشؤون العمل المتضمن زيادة الحد الأدنى للأجور للأعوام (2023-2024-2025) بما يعادل نسبة التضخم الصادرة عن الجهات الرسمية وعلى أن تحتسب هذه النسبة لكل سنة من السنوات وفقاً لنسبة التضخم للأشهر (11) السابقة لكل سنة.
وبينت المؤسسه أن الحد الأدنى للأجور وفقاً لقرار اللجنة الثلاثية لشؤون العمل السابق 260 دينار ، وبما أن نسبة التضخم للأشهر (11) الأولى من العام الماضي بلغت 4.22% فإن الحد الادنى للأجور الخاضعه لإقتطاع الضمان الاجتماعي لعام 2023 سيصبح 271 دينار .
هناك دوافع كثيرها لتطبيق سياسة الحد الأدنى للأجور بحيث أن معظم الدول تعتمده كأداة سياسيه لخدمة أهداف إجتماعية بالدرجة الأولى، ومنها تخفيض نسبة الفقر، والحد من آثار التضخم، ومنع إستغلال العمال
ولكن هل تسابق الحكومه الاردنيه إلى رفع الحد الادنى للأجور يتناسب مع قاعده العرض والطلب في ظل إرتباط الايدي العامله بكلف مدخلات الانتاج ؟!!
بإستطلاع أراء الخبراء الاقتصاديين في الاردن نجد أن الشركات والمؤسسات التجاريه تعاني من إشكاليات عده في الأرباح والكلف التشغيليه والضرائب وفي ظل هذه الاوضاع الإقتصاديه فان تسابق الحكومه إلى رفع الحد الادنى للأجور من الممكن أن يدفع هذه الشركات إلى إنهاء خدمات عمالها .
وأشار القراله إلى أن زياده الحد الادنى للأجور ستؤدي إلى عدم إقبال أصحاب العمل على تشغيل الشباب الاردنيين مشيراً إلى إرتفاع معدل البطالة في الأردن في الربع الثالث من العام الماضي 2022 إلى 23.1%، بانخفاض مقداره 0.1 نقطة مئوية عن الربع الثالث من عام 2021، وبارتفاع مقداره 0.5 نقطة مئوية عن الربع الثاني من العام 2022.
هناك تأثيرات إقتصادية لسياسة الحد الأدنى للأجور، فمن جانب مستوى البطالة إن معدل البطالة سيرتفع إذا زاد مستوى الحد الأدنى للأجور ، لكن هناك عوامل أخرى قد تحد من التأثير السلبي وأولها يتعلق بقدرة المشغلين على رفع أسعار المنتجات لإمتصاص الزيادة في تكاليف التشغيل ويتعلق العامل الثاني بتعزيز الإنتاجية ذلك أن إرتفاع الأجر يزيد من رضى العاملين، ما قد يحفز إنتاجيتهم ويعوض عن إرتفاع فاتورة الأجور أما من ناحية التأثير على التضخم ومستوى الفقر فإن فرض الحد الأدنى للأجور قد يزيد من حدة التضخم نتيجة الزيادة في تكاليف التشغيل (تأثير العرض) وإرتفاع مستوى الإستهلاك (تأثير الطلب) في المحصلة، يتناسب مقدار التأثير على التضخم طردياً مع ارتفاع نسبة العمال المتوقع زيادة أجورهم والزيادة في معدل الأجور المصاحب لتطبيق الحد الأدنى للأجور.
نحن مع توفير الحمايه الكامله لحقوق العامل وإعطائه أجراً يكفي لتغطيه تكاليف معيشته خصوصاً في ظل الأوضاع الإقتصاديه الراهنه ولكن لا بد من توجيه الإقتصاد الوطني والنهوض به بطريقه تعالج حالة الركود الاقتصادي السائدة والارتفاع في معدلات البطالة لتحقيق التناسب بين تنفيذ هذا النوع من القرارات والوضع الإقتصادي وعدم الإضرار بمصلحه أصحاب العمل .
وحتى لا يؤدي وضع هذا النوع من القرارات موضع التنفيذ إلى التأثير سلباً على توليد فرص عمل جديدة لا بد من النظر للوضع الاقتصادي العام ودون المساس بحقوق العامل لا بد من الحد من الظروف التي من شأنها زيادة الكلف في الوقت الذي تنحسر فيه العديد من الأنشطة وتخسر أسواقها .