كافة الحقوق محفوظة © 2021.
فراق… بقلم : منير حرب
قيل لسيدنا علي بن أبي طالب كرم الله ورضي الله عنه : «أهناك أشد من الموت؟ قال: نعم؛ فراق الأحبة أشد من الموت».
هذه العبارات القليلة والبسيطة لها وقع في النفس أشد من الموت، لأن غالبية البشر يعانون من الأمراض النفسية والاكتئاب والانصراف عن أعمالهم وتوقف الانشراح في مباسط الحياة وبهجتها.
إن الفراق مؤلم، وألمه لا يقابله بالشدة إلا الموت، وكما يرى الإمام علي بأنه أشد منه لأنه انقطاع تواصل الأرواح الغالية التي تبعث على النفس الأمل وتعطيها القوة والمناعة عن أي أوجاع، ولنذكر هنا في هذا الموقف قصة سيدنا يعقوب عليه السلام عند فراق ابنه يوسف عليه السلام وقصته مع إخوته، حيث تسبب هذا الفراق بانتكاس حياة يعقوب وفقد بصره وما تبعه من أوجاع أخرى، وكذلك فراق الآباء والأبناء إما بغياب دائم أو منقطع أو موت أو فراق المحبين كفراق الحبيب والزوج عن زوجته والعكس.
لو دخلنا المصحات النفسية والعصبية لوجدنا سبب أكثر المصابين بأوجاعهم هو الفراق، يا له من ألم ووجع بل موت بطيء خطير أشد من الموت.
القصص في مثل هذه المواضيع كثيرة بل إن من يقرأها أو يسمعها قد يحزن لحزن صاحبها ويتألم. لذا أشرت إلى عبارة سيدنا علي بن أبي طالب لأهداف تذكيرية قد نغفلها ونفيق على وقوعها وقد فات الأوان فهناك أمور دينية وأخرى عاطفية.
فالدين ما دخل في شيء إلا زانه وأضفى إليه بهجة وروحا وجمالا وبساطة، بل إن المصاب في أي حدث فراق يخفف عليه الوجع والألم إذا طبق التعليمات الدينية وأصبح مؤمنا حقا، والأحاديث كثيرة في هذه المواطن.
أما العاطفة فالكثير منا لا يُشعر من يُحب محبته وإظهارها بل يرى أن إخفاءها هو الطريق الأصوب والأمثل والعكس هو الصحيح، فأخبرنا سيد البشرية عليه الصلاة السلام وبما معناه بقوله: إذا أحببت أحدا فأخبره.
كما أن التعلق بالشيء والارتباط به وبشكل دائم يجب أن لا تلعب العاطفة به وجعل هناك توازن بين العاطفة والواقع.
الفراق قد لا يكون أحيانا فراق إنسان لإنسان آخر، بل ربما يكون فراق إنسان محب لأرضه ووطنه فيتخيل جباله وأنهاره وشوارعه وبسبب بعده وانقطاعه عنه يتألم ألم الفراق الذي تتقطع فيه الروح مئة مرة باليوم.
ولكن يبقى فراق الروح للروح وفراق الوطن بالفعل أشد من الموت.