” وتأكلون التراث أكلًا لمّا ” بقلم : د. منتهى الطراونة

يأكلون كل شيء تصله أيديهم من الميراث ، ما قلّ منه أو كثُر ، دون تثبّت من حلاله أو حرامه ، يحرمون المرأة ، والصبي ، والضعيف ، واليتيم ، ومَن لا يحبونه ، ويفصّلون على وفق مصالحهم ، وأهوائهم ، وعلاقاتهم ، ويُفتون من عند أنفسهم ، وأفكارهم ، وتحليلاتهم ، وينسون كل آيات الميراث في كتابه العزيز ، ولا يحتكمون إليها ، ويكذبون على الأموات ؛ فلان قال ، وعلّان قال ، يسلكون كل الطرق التي يظنون أنها تكسبهم أمتارًا من الأرض ، أو من العقار ، أو من الدنانير ؛ ظانّين أن الدنيا دائمة لهم ، ومتناسين يومًا يُرَدّون فيه إلى الله ، يقفون بين يديه ؛ فيحاسبهم على مثقال الذرّة ، (وما أشد سرعة مجيء هذا اليوم في ظل كثرة موت الفجأة ، وتقارب الزمان ، وسرعة الدوران) !
تعجّ محاكم الدنيا بمثل قضايا هؤلاء ، وتتواصل دعوات المظلومين التي تغصّ بها الحناجر ، ولا تنطق بها الشفاه ، والحكم الفصل مؤجَّل لمحكمة الواحد الأحد ، التي لا يُظلَم فيها أحد .
اليوم ؛ لديك سُلطة على عقلك الذي قد يرشدك للتراجع عمّا فعلت ، وسُلطة على جوارحك ، وسُلطة على قراراتك ؛ وقدرة على رفض ما يمليه عليك الآخرون ممن حولك ، يزيّنون لك نهب الحق ، والاستئثار به لنفسك ، وولدك ؛ فبادر قبل أن تُسحَب منك السلطات ، وتقابل الله العدل ، فاحذر يا رعاك الله …