كافة الحقوق محفوظة © 2021.
الفحيص : أمسية مسرحية واعدة… «حين داهمها النور» حلم إحياء القرية بعد أن هجرها أهلها
• د.سليمان صويص
بعد غياب طويل عن الفحيص، عاد العمل المسرحي اليها مساء يوم الأحد الموافق 2/7/2023 من خلال عرض مسرحية «حين داهمها النور» على «مسرح»دار حمزة في الفحيص. المسرحية من إخراج الأستاذة ريتا عكروش، وقدّمها على الثلة من شباب وصبايا الفحيص الذين يمارسون التمثيل المسرحي لأول مرة في حياتهم؛ أي أنهم مبتدؤون، لكنهم تدربوا عليها لمدة تقارب الخمسة شهور… ومع ذلك فقد حقق العرض نجاحاً يستحق التنويه، بدليل الجمهور الغفير الذي حرص على مشاهدتها.
تروي «حين داهمها النور» قصة قرية يعيش أهلها في روتين يومي ممل، وتجري أحداثها بين ثلاثة أماكن : المقهى، صالون زينب للسيدات وموقف للباص. أبطال المسرحية : أستاذ المدرسة، الجندي زلاتان يتغنى بأمجاد الماضي، أم يوسف الطباخة المنزلية الماهرة، البير ، المزارع الذي يهيم حباً بالأرض، أنس إبن المختار ، وحمزة العاشق لكرة القدم الذي يحلم في الفوز في مباريات كأس العالم لكرة القدم ، زينب صاحبة صالون السيدات، وسلمى العروس التي يريد أهلها تزويجها مبكراً، ونور التي هي أقرب إلى الفكرة منها إلى شخصية محددة.
خلال روتين حياة سكان القرية يندلع حريق ذات يوم في صالون زينب. وأثناء الحريق تظهر «نور» التي تستغل المعنويات السيئة لأهل القرية فتبدأ بإغراء كل واحد من السكان المذكورين أعلاه بمغادرة القرية أملاً بتحقيق أحلامهم سريعاً، وتطلب من كل واحد منهم التواجد عند موقف الباص بعد 12 ساعة، وهو موقف لم يسبق وأن توقف فيه أي باص ! وترفق نور وعودها بإيحاءات تؤكد بأن القرية ستفقد ملامحها وروحها في حال هجرها أهلها. يهاجر عظم هؤلاء ولا يبقى في القرية إلا «البير» المزارع الذي يعرف قيمة الأرض وأهميتها، والصبية التي كان يريد أهلها على إجبارها على الزواج المبكر. وفي النهاية تنعش المسرحية الامل بإمكانية إحياء القرية من جديد عندما «تزهر السمّاقة» ، ويعود أهلها إلى حياتهم القديمة..
المسرحية قامت على أكتاف شباب وشابات الفحيص من إخراج وديكور وإضاءة وإنتاج. والفرقة التي قدمت المسرحية تضم مواهب واعدة تحتاج إلى الكثير من الدعم والتشجيع؛ فالمسرح هو «الحياة»؛ قد تخبو شعلته لفترة من الزمن، لكنه «فن لا يموت»، ويرى فيه الناس تفاصيل حياتهم وهمومهم وآمالهم.
تقول مخرجة المسرحية الأستاذة ريتا عكروش بان تقديم المسرحية في دارة حمزة كان المقصود منه استلهام روح المكان الذي يوفر ديكوراً يُعبّر عن روح القرية وعفوية اهلها. ومما لا شك فيه أن الفرقة ستلجأ إلى تقديم أعمال أخرى في المستقبل على خشبة مسرح خلدون أبو ديّه التابع لنادي شباب الفحيص الذي تتوفر فيه جميع الشروط والامكانيات لتقديم اعمال مسرحية.
أما عن الممثلين والممثلات فقد قام بدور «البير» رومل رباع، و«نور» لانا فرح، و «زينب» نيفين جوابرة، و«الاستاذ» عاصم مضاعين، «حمزة» عناد صويص، «سلمى» ريلدا زيادات، «الجندي زلاتان» ناجي مضاعين، «الطباخة أم يوسف» سارة صويص، «أنس» سند الداود. وفريق الانتاج مكون من : فرح أبو حمدان، شاكر قاقيش، رنيم جوابرة.
طبعاً ، ما كان للمسرحية ان تظهر إلى حيز الوجود لولا جهود ومبادرات جمعية بيت التراث والفنون التي ترأسها إبنة الفحيص المحبوبة والنشيطة الاستاذة أليدا مضاعين، ودعم منتدى الفحيص الثقافي ودارة حمزة.
حضر المسرحية الأخ عمر عكروش، رئيس بلدية الفحيص وعدد من أعضاء المجلس البلدي والسيد وصفي الطويل من مديرية ثقافة البلقاء الذي وعد بدعم الفرقة المسرحية.
تذكّرنا هذه الفرقة بفرقة الفحيص لإحياء التراث التي تأسست عام 1980 ولعبت دوراص مهماً ورائداً في إحياء الأغنية الأردنية وبعث الموشحات الاندلسية والتأكيد على الموسيقى العربية في مواجهة التغريب في تلك الفترة.
الفرقة المسرحية الفحيصية الجديدة واعدة وتشي بمواهب شابة قادرة على الإبداع..إذا ما وجدت الرعاية والتشجيع والدعم.
هل لنا ان نحلم بإنشاء مديرية للثقافة في إطار بلدية الفحيص لدعم العمل الثقافي في المدينةن علماً بان الإهتمام بهذا الجانب لم يعد ترفاً، بل حاجة روحية واجتماعية وحضارية.
هل لنا ان نحلم بان يتبرع «زناقيل» الفحيص من أجل بناء مركز ثقافي للفحيص يكون بؤرة للنشاطات الثقافية المتعددة الأشكال من مسرح وموسيقى ومكتبة وفن تشكيلي وندوات ثقافية ودعم للمبدعين في المدينة الرائدة ؟
أسئلة نطرحها …ز ونتمنى الإجابة عليها بخطوات عملية
وقبل ذلك وبعده : نقدم التهاني الحارة للفرقة المسرحية والقائمين عليها على نجاح العمل المسرحي الذي قدمته مساء اليوم، ونقول لهم شكرا من الأعماق… الفحيص، كالعادة، تبهر !