سراب سبورت
مجلة رياضية

مقاهي وذكريات… بقلم : د. منتهى الطراونة

 

غادر الفرّان عطية؛ بجسده النحيل ووقفته المتأرجحة، و
قربه من القلوب، وشخصيته المرحة، ودندناته وهو يخبز عجين الأمهات، يحوّله أرغفة ممزوجة بالطيبة، والبساطة، ومحملّة بالحب، غادر القرية، وحلّ محلّه نمر؛ بجسده الضخم، وشخصيته الجادّة، الذي لم يقصّر في عمله ومهمته، لكن الناس دائمًا يحبون الهيّن الليّن، والذي له من اسمه نصيب؛ فشتّان ما بين العطاء والتنمر!
لم يطل بنمر المقام في الفرن الذي أُغلِق فيما بعد، دون معرفة الأسباب، ويبدو أنه من النوع الذي لا يقبل الهزيمة؛ فقرر أن يستثمر في القرية عبر مشروع آخر، ولا أدري كيف خطر بباله أن يفتح قهوة(مقهى) في مجتمع متدين بالفطرة، يرى فيه إلهاء عن ذكر الله، وبدايات تسلل الشيطان إلى النفوس النقيّة؛ كيف لا وفيه لعب الورق، والنرد، والجلوس لساعات طويلة قد تصبح إدمانًا، وانصرافًا عن العمل والسعي في طلب الرزق،الذي يغنيهم عمّا قد يُعَدّ رفاهية غير ضرورية، وليس لديهم متسع من الوقت لها .

أعان نمر على مشروعه بعض القادمين من خارج القرية من معلمين، وغيرهم، ومنهم زوج أختي، ممرض العيادة الطبية الوحيدة آنذاك، فرحان المثقف، الذي كان يزودنا بالكتب والمجلات، ويصنع لنا الحلوى، وكنت أرافقه في مشاويره القصيرة في القرية، فهو الوحيد الذي يُسمَح لنا الخروج معه.

على بوابة زقاقنا مباشرة، في إحدى الدكاكين القديمة، تم تجهيز المقهى، مكان فسيح مربع، بطاولات خشبية وزعت في الأرجاء، وحولها كراسي من الخيزران، والقش، وفي زاوية بعيدة بابور كاز، وبعض الأدوات لصنع قهوة حلوة، من ماركة البدوي المغلّفَة ربما منذ سنين، فاقدة للنكهة والمذاق ..
وعلى طاولة أقرب، أوراق الشَدّة يتقابل عليها رجلان لم أعرفهما، وطاولة ثانية جلس عليها صهرنا فرحان، ورجل غريب أيضًا، وأمامهما ما يقال له طاولة زهر، أو النرد وهي ما لفت نظري أكثر؛ رقعة خشبية مزركشة بألوان وأشكال هندسية، وحجران صغيران جدًا من رخام منقط بالأسود، يلقيهما الرجلان كل بدوره على تلك الرقعة؛ فيحدث صوت قرقعة خفيفة أحدثه ذلك الارتطام بالخشب، ولا أخفي أنني أحببته، وكنت أنتظره، ومعه يقول أحدهما (شيش)، ويقول الآخر (دو)، ثم تتوالى الكلمات التي كانت تستوقف تفكيري الصغير (جهار)، (بيش)،(سه)، (يك) ..
ومن راديو صغير بغلاف جلدي يعمل بالبطارية تنساب أغنيات، أذكر منها، (ميحانا ميحانا غابت شمسنا الحلو ما جانا)، لناظم الغزالي الذي كنت أعرف اسمه؛ لأن والدي ذكره يومًا، وكان يحب صوته.
وأغنيات كثيرة تنبعث لا أستبين كلماتها، وتعبق في فضاء تلك القهوة رائحة الدخان التي لم أكن أعرف لها أسماء، ولا تروق لي.
كنت أتسلل لأرافق (فرحان) لذلك المكان، الذي لفت نظري، والذي لم يدم طويلًا، إذ أطاح به أهل القرية ومنهم والدي، ليغلَق، ويرحل معه نمر الذي على ما يبدو قبل بالهزيمة هذه المرة…
منذ تلك الأيام، تستوقفني تلك المقاهي، وغاياتها، وأهدافها،و أعرف الكثير عن المقاهي الثقافية منها، والدوافع لإنشائها، إذ إن المجتمع العربي مجتمع محافظ، ينأى فيه الرجل عن بيته، وخصوصيته ليقابل الأصدقاء والمعارف بحرية أكبر تتجاوز حدود البيت والأهل، وأعرف أشهرها في المدن العربية التي زرتها، أو قرأت عنها وأبرزها، القاهرة، وبغداد، وأعرف أسماء أشهر مرتاديها من الأدباء، والمثقفين، وأتوقف عند نجيب محفوظ، ومقهى الفيشاوي الذي استمد شهرته منه، فكان يقضي فيه وقتًا مع الأصدقاء، فعادة ما يأتي الإلهام للمبدعين في فوضى المقاهي، وضوضائها تمامًا مثل الوحدة وصفائها، وهدوئها!

في مقاهي الحياة، ومصالحها، وفوضى علاقاتها، وتراجع معانيها، وقيمها؛ الكل يرمي أحجاره، وينتظر الربح …

وفي مقهى قلبي الذي عادة ما أتسلل إليه بعيدًا عن كل شيء، غاب الرفاق، والأصحاب، ولم يعد للمكان قيمة، ولا للقهوة مذاق، ومعظم الفناجين تكسرت مقابضها، وتثلّمت الحواف..
صباح الخير
أعلم تمامًا أن ذكر الله أكبر، وأن السعادة والأنس بقربه وحده، لكنني أتوقف عند بعض أوراق الذاكرة تلقي نفسها أمامي، لا أدري كيف…

اقرأ ايضاً
أخبار عاجلة
بغياب "الأردن" "الدمام" تستضيف تصفيات آسيا والعالم لكرة الطاولة سمرين يخطف الأضواء في انتصار الوحدات على مغير السرحان تقدير عالمي للشيف التنفيذي في أيلة توماس بروسنان لسباحته التاريخية على طول ساحل العقبة وفد شبابي سعودي في ضيافة وزير الشباب والرياضة وإشادة بالتجربة التونسية الرائدة في المجال الشبابي وال... فوز ماركا بذهبيتي الطاولة والكرة الطائرة الشاطئية والجامعة بذهبية الريشة واربد بذهبية كرة السلة 3×3 الزعبي يتلقي دعوة لحضور تصفيات الرجال والسيدات المؤهلة لبطولة العالم للفرق 2026 لندن مندوباً عن وزير الشباب "د.الهليل"يتوج الفائزين في بطولة "الوفاء والانتماء للقائد المفدى" تتويج الفائزين في ختام بطولة DCA الدولية "قطر 2025" أبطال الرياضات القتالية في السعودية متحمسون للموسم الثاني في جدة نادي الاستقلال يوزع المناصب الإدارية"الجبور" رئيساو"الخريشا"نائباو "الفاعوري"امينا للسر"و"الغول"للصن... خسارة كبيرة للمنتخب الوطني لكرة الطائرة "النصر"امام الفريق الكازاخستاني دورات تدريبية في الرسم ولياقة البدنية و برنامج مهاراتي في مراكز شبابية في إربد تجديد شهادة المفتاح الأخضر العالمية لمطعم سيليكا في أيلة مركز شابات الجدعا يعقد دورة تدريبية بالأشغال اليدوية مركز شابات أدر ينفذ دورة تدريبية في اللغة الإنجليزية ضمن برنامج "جسور التعلم" اختتام معسكر القيادة والمسؤولية المجتمعية في عجلون توظيف كرة القدم .. الاحتراف سياسية لا لعب ( جهال )..! .. كتب حسين الذكر ختام مثير لنهائي بطولة "الوفاء والانتماء للقائد المفدى"... المرحلة الأساسية العليا امام مجلس إدارة اللجنة الأولمبية..لماذا اوقفت"البارالمبية" لعبة كرة الهدف للمكفوفين ناشئين عيرا تألقوا وانتزعو فوزا مستحقا على نادي العودة بشر الفاعوري يعود إلى الكراتيه من بوابة العمل التقني نائب الرئيس الأمريكي يكسر كأس بطولة الجامعات لكرة القدم الأمريكية بطولة الريشة الطائرة في مركز شباب الشيخ حسين مدير شباب عجلون يتفقد مركز شباب عنجرة وشابات عنجرة النموذجي  أول نشاط رياضي للفتيات في صالة الأمير فيصل بالكرك ضمن حملة "رياضة وأمان" انتصارات أردنية مع انطلاق بطولة آسيا للواعدين والناشئين بالملاكمة وسط إهتمام إعلامي كبير... "الجزيرة ٢" أحدث الصروح الشبابية والرياضية بمصر يواصل التألق بإفتتاح الحم... الجعفري يتوج بالميدالية الفضية في "جولة القاهرة"من الدوري العالمي الممتاز للكراتيه حسين الذكر يكتب... رسالة للرئيس .. لعب (الطوبة) شيئا آخر ! انطلاق الدورة الرياضية الثالثة والعشرون للمدارس الأردنية "الاستقلال "