سراب سبورت
مجلة رياضية

أثنا عشر عاما على رحيله فؤاد غازي… صوت لن يتكرر… بقلم : منير حرب

 

ابن منطقة سهل الغاب، في محافظة حماه ( 12) عام مرت على رحيل ملك العتابا وكروان الجبل ..
فؤاد غازي فارقنا منذ سنوات جسداً وبقي خالداً في ذاكرتنا روحاً وصوتاً وأداء…
كبر “فؤاد” ليكشف الزمان عن حنجرة جبّارة تصدح “الأوووف” ليأتي الرد كنسمات سهل الغاب العليلة، وما بين “العتابا” و”الميجانا” و”اللالا” و”الروزانا” و”الدلعونا” بدأ فؤاد منذ طفولته الغناء في حفلات قريته والقرى المجاورة ليسطع اسم “فؤاد الصغير” في سهل الغاب.
كبر “فؤاد” وازداد الصوت تألقا ونفحات جبلية تتخلله، كبر فؤاد وازداد الصوت علواً كشجرة التوت “يا حبّ التوت ينبر للطوالي، لأجل شعرها ال غوى فيه الطوالي، يا صبّي خمرتك فوق الطوالي، ارتمّى الفنجان وانكبّ الشراب”
في سورية، تتربع قرية فقرو بين مرتفعات صخرية قاسية. تهبّ عليها باستمرار من جهة الغرب ريح عاتية، تأتيها من حوض البحر المتوسط. لا يخفف من وطأة ذلك العُتيّ وتلك القسوة سوى جريان نهر البارد، والخُضرة الفردوسية التي تُشرف عليها بيوت القرية الطينية المسّورة بالطوب والحجارة، حيث سهل مسحل الخصب وبُستانُ فقرو ترويه ينابيعٌ تنفجر من بين صخور الجبال المجاورة قد يصل عددها إلى العشرين.
أما الاسم فقرو فلعله آرامي، مشتقٌ من فعل الحراثة فَقَرَ، في إشارة إلى اشتغال أهلها بحرث الأرض، منذ أن عُرِفت المجتمعات الزراعية الأولى في منطقة الشام، قبل الميلاد بعشرة آلاف عام. في تلك البقعة الجبلية الخضراء في ريف حماة، ولد المطرب الفنان فؤاد غازي الذي صادف الثاني من أغسطس/آب ذكرى وفاته الـ12. ورِث ابن فقرو وسهل مسحل تلك الخلطة السحرية من القساوة والحلاوة، حتى إنه قد سبق له وتكنّى باسمها حين كان لا يزال يغنّي في الملاهي والأعراس، عندئذ، شاع لقبه بين الناس فؤاد فقرو، وذلك على الرغم من أن اسمه الحقيقي كان دوماً فؤاد غازي.
القساوة الصخرية، نسبة إلى طبيعة فقرو الجبلية، تجلّت في قوة الحنجرة التي تملّكها فؤاد غازي ووظّفها في جعل الدفق الصوتي ينبثق صدّاحاً، كعين ماء في الصخر. إلا أن قوة صوته لا تنكشف حادةً جارحةً، وإنما تتبطن واسعة مكتنزة، كما لو أن رئتيه تضخّان الهواء في حنجرته كالبوق. الأمرُ الذي لفّ غناءه بخملة، ولوّنه بدُكنةٍ، وزوّده برخامة نادرة أضفت عليه سمة الرجولة من جهة، ومن جهة أخرى، أكسبته عمقاً آسراً ولوناً دافئاً، ميّزاه ضمن إطار الغناء الشعبي الجبلي، وجعلا منه أكثر أناقة وكياسة، وأقل ظلفةً وخشونة.
في لون العتابا الذي انفرد به، وذلك بشهادة كبار من تمرسّوا به وعلّموه كالفنان وديع الصافي للفظة “الأوف” عند غازي مدى واتساعاً. لكنه حين يهم بإلقاء أبيات الموال تباعاً، يزوّق وقفاته عند المختارات من الحروف بزخارف صوتية، أو ما يُعرف لدى الموسيقيين العرب بـ”التحليات”. عندها، يحلو صوت غازي بقدر ما يعلو، ويُحسن الأداء بدقة وانسيابية تفوق سقف القوة والشدة الذي يقف عنده عادة المغنّون الشعبيون.
وليست الحلاوة التي تميّز بها صوت غازي صنيعة الدراسة والمعرفة، وإنما وليدة الفطرة والموهبة، فالنقاء في الأداء عنده يترقرق بصورة طبيعية، من دون تحسّب أو تكلّف. هو يُطلق لصوته العنان ليتمكّن مرّات، أو يتعثّر مرّات، مُفارقاً المقام، خصوصاً عند النزول نحو القرار، ثم لا يلبث أن يعود إليه عند الجواب صعوداً، ليستوي به؛ غضاضةٌ تناسب من جهة اللون الشعبي، لما فيه من بساطة ريفية أصيلة وارتجال حرّ مُرسل، إلا أنها من جهة أخرى تتميّز برقيّ خاص، وحدس جمالي عفوي وصادق، من دون اللجوء إلى الافتعال أو التصنّع.
إلا أن لتلك الحلاوة وذلك الرقي مكوّناً حقبوياً، يعود إلى السياق التاريخي والبيئة الثقافية والاجتماعية المرتبطة به. فمع أن فؤاد غازي مغنٍّ جبلي، يُجيد العتابا والميجانا، وبدأ مشواره في الملاهي والأعراس، إلا أن زمانه يختلف عن زمان اليوم والمغنين الجبليين الذين أخذ صيتهم يذيع فيه. إبان السبعينيات والثمانينيات، لم يكن ليتسنّى لغازي أن يخوض غمار الغناء، لو لم يكن قد مرّ بالقنوات الرسمية، من إذاعة وتلفزيون، وحرّاس بواباتها المؤسسين، من كتّاب أغان ومُلحّنين.
من أولئك الحراس، كان الملحن السوري عبد الفتاح سكر. فقد لحّن لفؤاد غازي سنة 1980 الأغنية التي سترددها الجماهير في سورية والبلدان العربية، ومن جميع الشرائح الاجتماعية والفئات العمرية، فيتألق نجمه، مُتجاوزاً من خلالها أجواء الملاهي وحفلات الأعراس، وهي “لازرعلك بستان ورود”.

للأغنية شكلٌ أشدّ تعقيداً من أغنية الملهى والعرس. إبرازاً لعنصر القوة في صوت غازي، يستهل المُلحّن غناء المذهب من على عتبة الجواب في مقام البيات، حيث يتموضع جنس النهاوند العلوي. فيه، سُيقيم اللحن برهةً عند نغمته الثانية، موحياً بالكرد. بهذا، تلتقي القوة بعنصر الحلاوة عند تقاطع شاعري. بعدها، ينحدر اللحن نزولاً، مفارقاً النهاوند، إلى أن يدرك القرار، مروراً بنغمات البيات الأربع، الجنس السفلي للمقام. إمعاناً في التركيب، يُلحّن الكوبليه، أي المقطع التالي، على مقام مغاير، أشدّ تقرّحاً وانقباضاً، ألا وهو الصبا. كما سيعلو في مداه الصوتي على المذهب، لتصدح حنجرة غازي وتجرح، استثماراً من جديد في عنصر القوة عنده، وتأكيداً على الملامح الجبلية لديه. .

اقرأ ايضاً
أخبار عاجلة
الزعبي يتلقي دعوة لحضور تصفيات الرجال والسيدات المؤهلة لبطولة العالم للفرق 2026 لندن مندوباً عن وزير الشباب "د.الهليل"يتوج الفائزين في بطولة "الوفاء والانتماء للقائد المفدى" تتويج الفائزين في ختام بطولة DCA الدولية "قطر 2025" أبطال الرياضات القتالية في السعودية متحمسون للموسم الثاني في جدة نادي الاستقلال يوزع المناصب الإدارية"الجبور" رئيساو"الخريشا"نائباو "الفاعوري"امينا للسر"و"الغول"للصن... خسارة كبيرة للمنتخب الوطني لكرة الطائرة "النصر"امام الفريق الكازاخستاني دورات تدريبية في الرسم ولياقة البدنية و برنامج مهاراتي في مراكز شبابية في إربد تجديد شهادة المفتاح الأخضر العالمية لمطعم سيليكا في أيلة مركز شابات الجدعا يعقد دورة تدريبية بالأشغال اليدوية مركز شابات أدر ينفذ دورة تدريبية في اللغة الإنجليزية ضمن برنامج "جسور التعلم" اختتام معسكر القيادة والمسؤولية المجتمعية في عجلون توظيف كرة القدم .. الاحتراف سياسية لا لعب ( جهال )..! .. كتب حسين الذكر ختام مثير لنهائي بطولة "الوفاء والانتماء للقائد المفدى"... المرحلة الأساسية العليا امام مجلس إدارة اللجنة الأولمبية..لماذا اوقفت"البارالمبية" لعبة كرة الهدف للمكفوفين ناشئين عيرا تألقوا وانتزعو فوزا مستحقا على نادي العودة بشر الفاعوري يعود إلى الكراتيه من بوابة العمل التقني نائب الرئيس الأمريكي يكسر كأس بطولة الجامعات لكرة القدم الأمريكية بطولة الريشة الطائرة في مركز شباب الشيخ حسين مدير شباب عجلون يتفقد مركز شباب عنجرة وشابات عنجرة النموذجي  أول نشاط رياضي للفتيات في صالة الأمير فيصل بالكرك ضمن حملة "رياضة وأمان" انتصارات أردنية مع انطلاق بطولة آسيا للواعدين والناشئين بالملاكمة وسط إهتمام إعلامي كبير... "الجزيرة ٢" أحدث الصروح الشبابية والرياضية بمصر يواصل التألق بإفتتاح الحم... الجعفري يتوج بالميدالية الفضية في "جولة القاهرة"من الدوري العالمي الممتاز للكراتيه حسين الذكر يكتب... رسالة للرئيس .. لعب (الطوبة) شيئا آخر ! انطلاق الدورة الرياضية الثالثة والعشرون للمدارس الأردنية "الاستقلال " أداء بطولي وخسارة مشرفة...لسيدات النصر في بطولة الأندية الآسيوية لكرة الطائرة ورشة تعريفية بالقرار 2250 في مركز شباب المنشية الإماراتي ثاني المهيري يتألق في باريس ويفوز بالإخضاع في "أبوظبي إكستريم 9"  مركز شابات الكرك ينظم نشاطاً حول الولاء بمناسبة ذكرى تعريب قيادة الجيش العربي السعودية مها الحملي تحقق المركز «الثاني عالمياً» في رالي الأردن