سراب سبورت
مجلة رياضية

تجوال حقيقة وخيال…. بقلم : د. منتهى الطراونة

 

تسكنني الأماكن قبل أن أسكنها، وكذلك الوجوه، وكلما هزني الحنين أيمم وجهي شطرها واقعًا وخيالًا!
بالأمس في الكرك القديمة، وعبر جولة قتلتُ فيها قلبي مع سبق الإصرار والترصد، بدأتها من شارع الخضر موطن البدايات الأولى، ومهد الذاكرة.

جعلت المقام عن شمالي وصعدت متثاقلة الخطى، وللقلب أزيز وللأنفاس حشرجة بدأت ملامحها على باب أشبعته طَرقًا وتناثر عليه الحنين، وأجابك صدى صوت يقول؛ كانوا هنا ثم رحلوا!
روائح قهوة الشرفات عادت من جديد، وثرثرات الجارات عبرها، نداءات الباعة، صراخ الأطفال خلف كرة تدحرجت تحت عجلات السيارات، واستقرت في الساحة المجاورة للخضر.
يزداد وجيب القلب فهذا أول بيت سكنته لم أستطع النظر إلى بوابته، تعثرت خطاي هناك، وتسمرت عيون غطّاها الدمع، فهذه أنا أصعد تلك الدرجات عائدة بعد يوم عمل حافل، وكلّي شوق للاستراحة في أركانه! لم تتغير ملامحه فقط غزاها شحوب من فرط الأشواق!

هذه بيوت الجيران عن اليمين وعن الشمال، المدادحة، المبيضين، الشمايلة، الصرايرة، المعايطة، المكاوي، ذباح الجمل، العاشق، العابد، القرالة، الرهايفة، البواليز، عاشور، الخضري، الحطيبات، السحيمات، الضمور، فسيفساء تشكلت من عشائر الكرك، ومن ضيوفها ذات زمن لكنهم أصبحوا من أهل الدار، ما تزال الأماكن هي هي لكن تغير الساكنون، هذا متجر العم يوسف المكاوي لبيع أشهى الألبان، وهذه ملحمة العاشق، وهذا مطعم الزمر لأشهى إفطار، وهذا محل بيع أشرطة الكاسيت ليوسف، تنبعث منه أحدث التسجيلات بحسب ذوق المتوقفين عنده، فمرة تسمع محمد عبده يشدو على البال كل التفاصيل، ومرة يتلو عبدالباسط آيات من الذكر الحكيم تقشعر منه جلود الذين آمنوا ثم تلين القلوب.

تواصل نزول الشارع الرئيس، ثم ينعطف قلبك قبل قدميك يسارًا؛ فهذا هو العم إلياس البدوي، ومواقفه معنا لا تنسى، وصفوان الحدادين بوسامته وذوقه، والعم أبو حسام الكساسبة يستوقفك يسألك عنك وعن أخبار أهلك، تواصل السير فيزداد وجيب القلب الذي أشاح عن الكثير كي لا يرى الناس هشاشته وهو يتجه نحو مبنى قضيت فيه ثلث عمرك، بكل ناسه وذكرياته، تنحرف يسارًا لتصعد درب القلعة، ليس ليلقيك الأتراك من على أسوارها إلى الوادي السحيق، ويسجل اسمك في سجل البطولة والشهادة، لكن لتقف على بوابتها تقرأ أسماء شهداء جدد من أبنائها قاوموا خوارج العصر وحرروها من دنسهم، وتطرفهم!

ومن غير إرادة منك تواصل السير، ولسان حالك يقول مع الشاعر:
خوَت الديار من الأحبة كلهم
أوّاه ما أقسى الديار الخاوية!
لترى نفسك متوقفًا مرة أخرى في شارع الخضر، قبل أن توشك الشمس أن تغيب فتعود أدراجك إلى حيث يقيم جسدك دون روحك، وللحظة تحس أنك في حي من أحياء القاهرة؛ أعداد غفيرة من الأخوة المصريين بلباسهم التقليدي، يتجمعون أمام قهوة اسمها؛ القاهرة للمعسل والأراجيل؛ روائح مختلطة بين التفاح، والدراق، وأشياء لا تستطيع تمييزها!
نداءات الباعة على الخضار باللهجة المصرية!
أكثر الوجوه التي قابلتها من الأخوة المصريين!
وقِس على ذلك ما فعله الأخوة السوريون في معظم شوارعنا ومدننا؛ فهذا؛ مال الشام للحلويات؛ و باب الحارة للفلافل؛ وملحمة حلب؛ و….و….الكثير.

لستُ ضد امتزاج الثقافات أبدًا، ولا ضد تواجد أخوتنا معنا في أردن العرب، لكنني ضد أن تضيع الهوية الأردنية بتفاصيلها، وأصالتها، وأن نبحث عنها في وجوه ربما لم تسعفنا في تذكر ملامحها!
وصدقوني أنني بحثت عن أسماء، وملامح أردنية في عواصم، ومدن عربية عشت فيها وزرتها، فلم أجد إﻻ نادرًا، وعلى استحياء!

لم تحقق زيارتي للشارع هدفها، فقد ضاعت ملامحه، وذابت كقطعة سكر في فنجان؛ لم أذقه إﻻ مرًّا وعلقمًا!
لكن المضحك في الأمر؛ أنني وبعد أن أفقت من تأملاتي، وجدتني أرتدي ثوبًا مصريًا؛ ابتعته من القاهرة ذات سفر، وأستمع لعبدالوهاب موسيقار الأجيال، وعلى مقام (الراست) يشدو؛
عندما يأتي المساء ونجوم الليل تنثر
اسألوا لي الليل عن نجم
متى نجمي يظهر!
كل نجم راح في الليل بنجم يتنوّر
غير قلبي فهو ما زال على الأفق مُحيَّر

اقرأ ايضاً
أخبار عاجلة
رئيس إتحاد لعبة فردية...قلقه على الكرسي يبقيه في المكتب البطلة البارالمبية فاطمة العزام تشكر مديرية الأمن العام على تكريمها كموظف مميز لعام 2025 حدثتني العصفورة... (علقم النفوذ) سموّ الأمير علي بن الحسين يترأس اجتماعاً للاتحاد استضاف خلاله رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسَّان انطلاق أعمال الجلسة الأولى ضمن فعاليات "عمّان عاصمة الشباب العربي 2025" المنتخب الجزائري للكرة الطائرة الشاطئية سيدات يكثف تحضيراته للمشاركة في البطولة العربية بلبنان شباب الديسة يتحاورون مع صُنّاع القرار: تعزيز الانتماء وتمكين الأجيال لبناء مستقبل الأردن معسكر "النشاط الرياضي والبدني" ينطلق في مركز شباب إربد النموذجي ضمن معسكرات الحسين 2025 ‏"دولي الجودو" يؤجل بطولة العالم للشباب إلى العام 2026 انطلاق فعاليات "عمان عاصمة الشباب العربي 2025" وتدشين الخطة التنفيذية للاستراتيجية العربية للشباب وا... اتحاد كرة اليد يدعو الشباب لاكمال الدوري رغم غياب الاستحقاقات المقبلة في محاولة لتكميم الأفواه... أسرار الاتحادات الرياضية بين الكتمان والتسريب! حدثتني العصفورة: «إسماعيل توفيق … والخذلان على رمال الشاطئ!» رئيس إتحاد لعبة فردية ..فقد بوصلة الزمن حدثتني العصفورة... الهناندة يترجل قبل أن تكتمل الصورة! اللواء الحنيطي يكرم البطل نورس قواي ابزاخ لإنجازه العالمي في بطولة PFL رؤساء أندية العربي وكفرنجة وساكب يستهجنون زج أسمائهم في دوري كرة اليد دون موافقة نهى الزعبي… نجمة الملاكمة الأردنية تخضع لعملية ناجحة الشباب الأردني.. حين تتحوّل الأحلام إلى مشاريع وطنية ناجحة"... د.ثروت المعاقبة "بهمتنا نحمي بيئتنا"... شباب البترا يعززون الوعي البيئي بروح العمل التطوعي ‏‏النشميات يظفرن ببرونزية البطولة العربية للسيدات بكرة السلة حدثتني العصفورة… عن دوري اليد الذي يشبه حفلة شاي! «هلا العرموطي» فارسة بعد الأربعين… «كوني أنتِ» يحتفي بالشغف والتجدد شباب بيت راس يختتمون معسكر النشاط الرياضي والبدني بروح عالية وتجارب مميزة شباب عجلون يشاركون في حملة "بهمتنا نحمي بيئتنا" لحماية البيئة نتائج مبهرة لفرسان المدرسة المصرية للفروسية في نهائي بطولة الجمهورية 2024/2025 “الثقافة المالية” في مركز شباب الشيخ حسين: تمكين الشباب لمستقبل اقتصادي آمن فادي قدسية يفتح النار: «البارالمبية الأردنية تُقصي الكفاءات... والقرارات جاهزة لخدمة المحسوبين» الفارس رعد العرموطي يستعد لانطلاق الدوري الأردني للقفز عن الحواجز وطموحات تتجه نحو العالمية بهاء الخطيب يحتفل بتخرج قيس... نجوم الرياضة والفروسية في الموعد!