سراب سبورت
مجلة رياضية

استاذ (صدام) تمخض فولد عراقا … حسين الذكر

 

 

عام 1970 اصطحبني والدي (رحمه الله) الى مدرسة المحمدية الابتدائية التي كانت عبارة عن بيت صغير مستاجر في منطقتنا ، لكنه بيت ليس عادي ، فالله وحده يعلم ، كم خرج من كفاءات علمية ومهنية فضلا عن التربوية والوطنية . بعد عقود من زمن اغبر قضيناه بالحروب العبثية والخوف والموت والشعارات المهلهلة الزائفة .. لم يتبق في محق ذاكرتي سوى اني كنت البس دشداشة (بازة) باول ظهوري في المدرسة للتسجيل .. اذ كانت زي الفقراء ولبسهم بالوانها واشكالها المتعددة .. في المدرسة طلبوا نصف دينار رسم التسجيل وقد امتنع والدي عن الدفع ، تحت حجة عدم امتلاكه المبلغ الكبير انذاك . فيما كان ابي يتذرع ويتضرع محاولا التخلص من الدفع ، انبرى احد المعلمين يهمس باذن المعاون : ( انهم فقراء ، فلا ينبغي حرمان هذا الطفل من التعليم ، سجله وساتكفل الدفع عند استلام راتبي ) .. ذلك المعلم لا اتذكر اسمه ولا شكله ، لم يكن يمثل نفسه ، بقدر ما هو نتاج بيئة ومجتمع ، حمل من المثل والاخلاق والتضحية وتحمل المسؤولية ما يجعله جدير بأتمان فلذات الناس عنده .

 

اول يوم ، اخذونا الى اصطفاف الساحة والقى المدير كلمة عن اهمية الجيل المتعلم والدراسة في مستقبل الفرد والمجتمع ، مع اني لم ادرك اغلب تلك المعان ، لكنها ظلت لامعة راسخة في ذهني ، وعقلي الباطن حتى اخذت تهديني بلا هوادة الى جادة ، اشكر الله جل وعلا واثنى واترحم على اولئك البناة الاوائل والقادة الميدانين حقا .. في الصف الاول وفي اليوم الاول والدرس الاول ، دخل علينا رجل قصير القامة يحمل كارزما الرجولة والقيادة ، منحنا الاحساس بالدفء والابوة من اول ابتسامة ، ملات شدقيه واتسعت مع حدقاته لتضمنا جميعا ، ثم وزع علينا حلوى من كيس صغير كان يحمله واخذ يحكي لنا قصص ويسالنا عن هواياتنا واسماؤنا وامنياتنا ومواهبنا ، حيث غنى البعض وصفق اخرين ونكتوا حتى ضحك وضحكنا … دون ان يتكلم عن الدراسة او يتطرق لها اطلاقا .

عرف نفسه انه ( المعلم صدام ) ، لم انسى قوله الذي ختم به الحصة الاولى في حياة جيل ليته يتكرر ، حيث قال : ( من الان فصاعدا انا معلمكم ومربيكم ووالدكم ) .

في الحصة الثانية تناول الطباشير وبدا يعلمنا الحروف ، استخدم اصوات الطيور وبعض الحيوانات الالفية والماء والهواء .. غير ذلك من عناوين مجتمعية بيئية دالة ، ترسخت في الاعماق لم تمح الى اليوم . بلا مبالغة تسعين بالمائة من طلبة صفنا كانوا متميزين .. تخرجنا من الابتدائية حتى الجامعات .

 

بعد ما يقرب نصف قرن لحظت رجلا كبيرا ، ركزت عليه واعدت ذاكرتي ، حتى تجلى في العقل الباطن انه استاذ صدام بعينه ، اخذت اقبل يديه وراسه واحتضنه وابكي ، على فقد امي وابي. وولدي .. وما ضاع من عمري ووطني ومجتمعي وارثي وحاضري ومستقبلي … حتى كفكف دموعي بذات الابتسامة التي طل بها علينا قبل خمسون .

 

قلت له اريد اكتب عنك شيء ، فقال : ( اسمي صدام سعيد من مدينة العمارة ، ولدت في نينوى عام 1936 ، كان والدي عسكريا هناك ، ثم انتقلنا الى كركوك ، تعلمت بالملاية ثلاث سنوات ثم دخلت ( مدرسة غازي الابتدائية في كركوك ). وتخرجت من الاعداية عام 1959 ، فدخلت دورة تربوية تعينت بعدها معلما ، في مدرسة ( حلاوة القرية بالحويجة ) التي كان ماؤها من البئر . عملت بها اربع سنوات ، ثم انتقلت الى بغداد بمدرسة المحمدية التي تقاعدت فيها وما زلت اسكن ورزقت الكثير من الاولاد والبنات كبروا وخدموا بلدهم كل باختصاصه ، واعيش ايامي الاخيرة انتظر رحمة الرب ، بعد ان اديت الامانة لوطني واسرتي واخذ الكبر والمرض مني ماخذا .. ثم سالته عن امنيته وحكمته الاخيرة .. قال : ( اسال الله ان يمن على شعبنا الطيب بالخير والامن والرقي .. وان تتح للاجيال فرصة تعليم افضل ، تليق بتاريخ وامكانات العراق ، لاني ارى فارق حضاري كبير ما بين جيلنا ومن لحقنا ) .

 

تساءلت بنفسي اذا كانت سنة تعليمية واحدة اثرت واثَّرَتْ بنا هكذا ماذا لو كان معلموا ومدرسوا واستاذة جميع المراحل بهذا المستوی اي جيل واي مجتمع سيكون .. ثم اجبت نفسي : حقا ان التعليم اما يكون مقدسا كجواب حتمي وازلي لنداء السماء ( اقرأ) او لا فائدة وطائل منه ..!

 

بعد مدة .. كنت اقف احتسي الشاي في منطقتي الحرية .. وذا بشاب وسيم يسلم عليّ كان يرتدي الأسود ويطويه الحزن .. لم اعرفه لكنه بادرني : ( أستاذ انت لا تعرفني لكني عرفتك من خلال عمودك الصحفي الذي كتبته عن والدي .. ( أستاذ صدام ) .. ثم أضاف لها .. رحمه الله .. بكيت وبكى .. وفيما رفعت يدي نحو السماء اطالع بلدا مفعم الوعي والعمل والإخلاص والحرص الوطني والالتزام الأخلاقي .. ابتعد بخطوات دامعة عرفت انا بالاثر ..

اقرأ ايضاً
أخبار عاجلة
دورات تدريبية في الرسم ولياقة البدنية و برنامج مهاراتي في مراكز شبابية في إربد تجديد شهادة المفتاح الأخضر العالمية لمطعم سيليكا في أيلة مركز شابات الجدعا يعقد دورة تدريبية بالأشغال اليدوية مركز شابات أدر ينفذ دورة تدريبية في اللغة الإنجليزية ضمن برنامج "جسور التعلم" اختتام معسكر القيادة والمسؤولية المجتمعية في عجلون توظيف كرة القدم .. الاحتراف سياسية لا لعب ( جهال )..! .. كتب حسين الذكر ختام مثير لنهائي بطولة "الوفاء والانتماء للقائد المفدى"... المرحلة الأساسية العليا امام مجلس إدارة اللجنة الأولمبية..لماذا اوقفت"البارالمبية" لعبة كرة الهدف للمكفوفين ناشئين عيرا تألقوا وانتزعو فوزا مستحقا على نادي العودة بشر الفاعوري يعود إلى الكراتيه من بوابة العمل التقني نائب الرئيس الأمريكي يكسر كأس بطولة الجامعات لكرة القدم الأمريكية بطولة الريشة الطائرة في مركز شباب الشيخ حسين مدير شباب عجلون يتفقد مركز شباب عنجرة وشابات عنجرة النموذجي  أول نشاط رياضي للفتيات في صالة الأمير فيصل بالكرك ضمن حملة "رياضة وأمان" انتصارات أردنية مع انطلاق بطولة آسيا للواعدين والناشئين بالملاكمة وسط إهتمام إعلامي كبير... "الجزيرة ٢" أحدث الصروح الشبابية والرياضية بمصر يواصل التألق بإفتتاح الحم... الجعفري يتوج بالميدالية الفضية في "جولة القاهرة"من الدوري العالمي الممتاز للكراتيه حسين الذكر يكتب... رسالة للرئيس .. لعب (الطوبة) شيئا آخر ! انطلاق الدورة الرياضية الثالثة والعشرون للمدارس الأردنية "الاستقلال " أداء بطولي وخسارة مشرفة...لسيدات النصر في بطولة الأندية الآسيوية لكرة الطائرة ورشة تعريفية بالقرار 2250 في مركز شباب المنشية الإماراتي ثاني المهيري يتألق في باريس ويفوز بالإخضاع في "أبوظبي إكستريم 9"  مركز شابات الكرك ينظم نشاطاً حول الولاء بمناسبة ذكرى تعريب قيادة الجيش العربي السعودية مها الحملي تحقق المركز «الثاني عالمياً» في رالي الأردن تألق لافت للمواهب في اليوم الثاني من البطولة الإقليمية لرابطة أبوظبي لمحترفي الجوجيتسو قطيشات نائبا لرئيس الاتحاد العربي للكرة الطائرة...بالتزكية الشيخ على بن خليفة يفوز برئاسة الاتحاد العربي للكرة الطائرة بالتزكية تجديد الثقة بالمقبالي وانتخابه في منصب نائب رئيس العربي لكرة الطائرة الأردن يحتضن بطولة آسيا للواعدين والناشئين للملاكمة بمشاركة قارية واسعة تألق وسيطرة ل"فرسان الحرس الملكي" ...و"بشارات"يثمن دعم "فاين"في ختام رابع جولات التحدي للفروسية