كافة الحقوق محفوظة © 2021.
في ذكراك الثانية ادركت انك لن تعود ! … حسين الذكر
ها قد مرت سنتان ولم ارك ولم اسمعك ولم انتظرك على الباب باشد من نار اللظى حينما تتاخر .. ها قد مرت سنتان والدمع لم ينفك كمناخير تتفتق بدواخلي وتنضح من عمق جوانحي التي اينعت مئاتم واثمرت مواكب وتلاطمت جحافل ركب تائهة تسير بلا هدى تنوح بلا شروط تسكب مدرارها كلما هب النسيم او اطلق الرصاص خلف نعش او مرت مسيرة شبابية او تعالت اهازيج عرس او جلجة وقع فجيع ..
ها قد مرت سنتان ولم يقطع الرجاء في اطلالك الذي ما غاب عن بالي مذ اطلقت كلمة ( بابا ) التي تغلغت احساسا البسني ثوب الوقار والمسؤولية والحرص على ما تبقى من عالم سيء كانت خشيتي فيه عليك كل ما اخشاه .. اذ لم يتبق منها الا مذاريف ومجاذيف تنتظر النهاية والاسدال .
بعد سنتان مررت على ثراك اتجه بكلي تجرني اليك المغريات والعاديات والمبكيات جرا .. لا اعرف سوى الانقياد مستسلما متوسلا لقياك .. افقد وعيي ووقاري حينما احط بقرب رمزك الشامخ بكل تصاوير حياتي وخلجات انفاسي المتقطع عليك .. احط قربك اتلمس ارضك اقبل ثراك اتمسح بصورتك وجدارك اكلم ذرات التراب اصرخ بانواع اللغات معتقدا انها تصلك .. اذ كنت على طول الخط انتظر ردك او بالأحرى أتوقع نهوضك .. لم أتصور يوما .. ان امر على ولدي ولا ينهض لاحتضاني ورد سلامي في زمن الهجر والوحدة والاغتراب حد الاستلاب . كم كنت متوسم نهوضك وردك على أب المتهالك .. الا من جثة هامدة تجرها الأيام والانفاس وتجبرها المسؤولية الواعية على التواصل مع حياة زهد بها ولم يعد فيها شيء احلى من الرحيل الابدي .
قبل أيام مررت بمثواك اتلمس بقاياك واتطلع رؤياك واتوسل صوتك او أي اشارة تردني منك ولو على شكل حلم او فكرة لعلها تخفف المي واعتصاري ودمعي الذي سوف لن يجف بعزوف الروح وحداد مقروح .. لكني تيقنت وهمي وفساد رايي وضياع املي ..
بعد السنتان لم اعلم كيف اتصرف يا ( ولدي ) فان كلمة ( الله يرحمه) تصفعني تحرجني وتجرحني وتجرجرني وسط ركام خرائبي .. تشعل حرائق لا اقوى على اخماد براكينها .. لست كافرا ولا جاحد ولا متحد لارادة الرب وسنن الخلق الحكيمة .. لكني اجد نفسي عاجزا عن تحمل بلوى الفراق وحقيقة قسرية الوداع .
تعلمت من فراقك ان البلاء الواقع لا يحمله الا اهله . وكل جرح يعد خدشا حقيقيا في يوميات الاخرين .. لا املك ما ارد ولا اقوى على الرد ولا اتمالك او اقبض على ناصية ما يمكن ان ابوح به اليك او اتحمل واتجرع مرارة فراقك يا ولدي ..
صحيح ان الجفاء قسري والخضوع المتكرر الذي امارسه وانا منكب على ما تبقى من اثر لك مر لا يطاق .. وفرض علي حقيقة أخرى تتجلى بأهمية الركون والصمت الطويل والترقب ليوم آت .. اذ لا مناص من الصمت الابدي .. لعلني اتعايش مع اشتعالات نار مستعرة صارخة دون ان يسمعها غير الله وانت .. ومن تلظى بنار فقد الفلذات التي لم اعِ منها سوى الألم ولا اقوى على الصبر وان وآساني العالم كله بانواع حكم الصبر فلن يغير من حقيقة حدادي الابدي عليك حيث لا حداد بعدك .