كافة الحقوق محفوظة © 2021.
فلنكن أنفسنا ونبتعد عن النسخ الزائفة… د.ثروت المعاقبة
السعي نحو الكمال هو طموح إنساني مشروع ومبرر ، ويعكس الرغبة في تحسين الذات وتحقيق الأفضل، لكنه قد يتحول إلى عبء نفسي وسلوكي إذا تجاوز حدوده الطبيعية وأصبح هوسا بالكمال المطلق الذي لا يمكن تحقيقه.
والسعي نحو الكمال يصبح صحيًا عندما يقترن بالمرونة وقبول النقص، لأن جمال الحياة يكمن في عيوبها وتحدياتها، وليس في وهم الكمال المطلق والمثالية الزائفة.
وهناك العديد ممن يدعون المثالية الزائفة “التراتوف” بتبنيهم لمجموعة من مظاهر الكمال أو النزاهة أو الأخلاق العالية، بينما في الواقع يناقض تلك الصورة الظاهرة، فتعد حالة التناقض بين الإدعاء بالحياة المثالية أو السلوكيات النبيلة وبين السلوك الفعلي الذي قد يكون بعيدًا عن تلك القيم.
وهناك العديد من الأسباب التي تجعل الأشخاص يبحثون عن المثالية الزائفة لتقديم صورة إيجابية أمام المجتمع، ومحاولة إنكار المشكلات أو التقليل من شأنها بسبب الضغط المجتمعي نظرا لعدم إدراكهم لنقاط ضعفهم، وتجنبهم مواجهتها بشكل عام.
فهناك العديد من مظاهر المثالية الزائفة التي يتبناها الكثيرين من خلال الإدعاء بحياة خالية من المشاكل، إظهار الإلتزام بالقيم الدينية أو الأخلاقية بشكل مفرط وغير واقعي، تجنب الإعتراف بالأخطاء أو تحميل الآخرين مسؤوليتها، أو المبالغة في التفاخر بالإنجازات الشخصية أو العائلية.
المثالية الحقيقية تأتي من التوازن بين السعي للتحسين الشخصي والاعتراف بالعيوب، دون الحاجة إلى التظاهر أو الخداع ودون البحث عن تحسين الصورة التي من الممكن أن يبحث عنها الكثيرين لتغطية عيوبهم.
وهناك الكثير من الآثار المثالية الزائفة التي تنعكس على الفرد مما يؤدي إلى إرهاق نفسي بسبب العيش في تناقض مستمر وحيرة دائمة، أما على المستوى الإجتماعي فقد يؤدي إلى فقدان الثقة بين الأفراد عند اكتشاف التناقض، ويعزز ثقافة النفاق بدلاً من ثقافة الصدق والتواضع.
ولكي نتجنب المثالية الزائفة من المهم جدا أن نعترف بالنقص وندرك بأن كل إنسان لديه عيوب وأخطاء، والإعتراف بها بداية التغيير والتعامل بشفافية بدلاً من التظاهر بشكل مختلف عن الحقيقة والاستماع لآراء الآخرين حول سلوكياتنا لتطوير أنفسنا، من خلال التركيز على تحسين الذات بدلاً من التركيز على المظهر الخارجي.
الإنسان على طبيعته أجمل بكثير فلا تدعوا للزيف مكانا بصورنا …..