سراب سبورت
مجلة رياضية

أخلاقيات المهنة ودور الشباب في بناء مجتمع مستدام … بقلم .عامر عيد بنيان 

 

 

الأخلاقيات المهنية ليست مجرد قواعد جامدة أو إرشادات مكتوبة تُفرض على الأفراد في بيئات العمل، بل هي منظومة قيمية عميقة الجذور تُعبر عن جوهر العلاقة بين الإنسان وعمله. إنها معيار يحدد ما هو مقبول ومرفوض من سلوكيات وأفعال، وتأتي لتكون انعكاسًا مباشرًا للقيم الإنسانية والدينية التي نشأ عليها الفرد. في الإسلام، تشكل الأخلاقيات المهنية جزءًا من رسالة أوسع تهدف إلى تحقيق الخير والإصلاح في الأرض، حيث جعل العمل عبادة وأوصى بالإخلاص فيه، كما قال الله تعالى: ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾ [التوبة: 105]. وفي هذا السياق، فإن تعزيز أخلاقيات المهنة ليس رفاهية بل ضرورة لتحقيق مجتمع متماسك ومزدهر.

 

مدونات السلوك، التي وضعتها المؤسسات الحكومية والخاصة، تسعى لتوفير إطار تنظيمي يحكم تصرفات الأفراد ويضمن تحقيق النزاهة والشفافية والعدالة في العمل. على سبيل المثال، تهدف مدونة قواعد السلوك الوظيفي وأخلاقيات الوظيفة العامة إلى تعزيز الالتزام بالقوانين واحترام المال العام وحماية المصلحة العامة، بينما تسعى مدونة السلوك لتعزيز النزاهة في القطاع الخاص إلى ترسيخ مبدأ المنافسة الشريفة وحماية حقوق العملاء والموظفين على حد سواء. من جهة أخرى، تقدم مدونة السلوك الوظيفي لهيئة النزاهة ومكافحة الفساد نموذجًا مهمًا لمحاربة الممارسات غير الأخلاقية، مع التركيز على تعزيز الشفافية والمساءلة داخل المؤسسات.

 

ومع التطور التكنولوجي الذي يشهده العالم، برزت تحديات جديدة أمام هذه المدونات والقيم الأخلاقية. فقد أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا أدوات مزدوجة التأثير؛ إذ يمكن أن تُستخدم لتعزيز القيم المهنية، لكنها في الوقت نفسه قد تكون مصدرًا للانتهاكات الأخلاقية. اليوم، يتمكن الموظفون من التأثير على سمعة مؤسساتهم من خلال منشوراتهم أو تفاعلاتهم الإلكترونية، مما يضعهم أمام مسؤولية مضاعفة تتطلب وعيًا كبيرًا بمخاطر التكنولوجيا وأثرها على بيئة العمل.

 

وفي خضم هذا الواقع، يبرز دور الشباب بوصفهم العمود الفقري للمجتمع والقوة الدافعة للتغيير. يتمتع الشباب بطاقة كبيرة وقدرة على التكيف مع المتغيرات الحديثة، مما يجعلهم قادرين على تبني قيم النزاهة والإبداع في العمل. يمكن للشباب أن يكونوا روادًا في ترسيخ أخلاقيات المهنة من خلال تبني القيم الإيجابية مثل الإخلاص والأمانة واحترام القوانين، والتي تشكل جوهر مدونات السلوك المهني. ولعل ما يجعل الشباب أكثر قدرة على تحقيق هذا الهدف هو ارتباطهم الوثيق بالتكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، مما يمنحهم أدوات فعالة للتأثير الإيجابي إذا أحسنوا استخدامها بمسؤولية ووعي.

 

لكن هذا الدور لا يخلو من التحديات. الشباب اليوم يواجهون ضغوطًا مهنية ومجتمعية قد تدفعهم أحيانًا للتنازل عن مبادئهم، سواء تحت وطأة إغراءات الكسب السريع أو بسبب ضعف الوعي بأهمية الأخلاقيات المهنية. كما أن إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي قد تؤدي إلى الإضرار بسمعتهم المهنية والشخصية. لذلك، يجب أن تكون هناك جهود مستمرة لتوجيه الشباب نحو الاستخدام المسؤول لهذه الأدوات، مع تعزيز مفهوم الرقابة الذاتية لديهم.

 

ولتحقيق ذلك، لا بد من تبني حلول شاملة تعزز دور الشباب في ترسيخ الأخلاقيات المهنية. البداية تكون من خلال تقديم برامج تدريبية توعوية تسلط الضوء على أهمية الأخلاقيات في بيئات العمل الحديثة، مع التركيز على كيفية مواجهة التحديات المرتبطة بالتكنولوجيا. كما يمكن تعزيز ثقافة الحوار داخل المؤسسات لتمكين الشباب من التعبير عن آرائهم والمساهمة في اتخاذ القرارات التي تؤثر على بيئة عملهم. هذا بالإضافة إلى إشراكهم في مبادرات مجتمعية تهدف إلى مكافحة الفساد وتعزيز النزاهة والشفافية.

 

إن أخلاقيات المهنة ليست مجرد شعارات تزين الجدران، بل هي واقع يجب أن يعيشه كل فرد ويساهم في تحقيقه. الشباب، بما يمتلكونه من طاقات وإمكانات، هم الأمل الحقيقي لبناء مجتمع قائم على النزاهة والقيم الأخلاقية. ومن خلال التزامهم بأخلاقيات المهنة، يمكنهم أن يكونوا نموذجًا يُحتذى به للأجيال القادمة، وأن يساهموا في بناء مستقبل أكثر استدامة وعدالة. علينا جميعًا أن نؤمن بدور الأخلاقيات كركيزة أساسية لبناء مجتمع قوي، وأن نستثمر في الشباب كأدوات للتغيير الإيجابي.

اقرأ ايضاً
أخبار عاجلة
منتخب الشابات يواصل خسائره في دورة الألعاب الآسيوية للشباب الأهلي يعلن اعتذاره رسميًا عن المشاركة في دوري كرة السلة للموسم 2025 الفارسة الفلسطينية ديانا الشاعر تستعد لخوض انتخابات رئاسة الاتحاد الدولي للفروسية في رياضة الدريساج منتخب السيدات بالكرة الطائرة الشاطئية يواجه المنتخب السعودي مساء اليوم في ربع نهائي بطولة غرب آسيا مطار تونس قرطاج | تحول وفد النادي الوطني التونسي للسيارات عضو الاتحاد الدولي للسيارات للمشاركة في م... "محاضرة توعوية حول مخاطر التدخين والمخدرات في مركز شباب دير أبي سعيد النموذجي" هل التحقيق سيفتح في غياب كفرنجة عن مباراته بدوري الدرجة الأولى لكرة اليد؟ قانون (الغاب) الرياضي ! ... حسين الذكر توضيح صحفي حول انسحاب نادي الكتة أمام نادي السلط الفارس عناد بندر الفايز.. نموذج الفارس الواعي والمقدام في سباقات القدرة والتحمل يزن النعيمات يشيد بكأس العرب FIFA قطر 2025 كملتقىً للاحتفاء بمواهب المنطقة وتطوير كرة القدم العربية انسحاب الكتة أمام السلط يدق ناقوس الخطر: لا بد من حلول واقعية لدعم الأندية الأردنية السالم يكشف خطط اتحاد غرب آسيا التطويرية في مؤتمر رؤساء وأمناء عامي الاتحادات الوطنية والإقليمية الأردن يتصدر العرب بـ24 كأسًا في البطولة العربية الخامسة لرواد التنس نادي شباب عيرا يتمنى الشفاء العاجل لجلالة الملك عبد الله الثاني منتخبنا الوطني للسيدات يحقق فوزه الأول في بطولة غرب آسيا للكرة الطائرة خسارة مخيّبة لمنتخبنا للطائرة أمام هونج كونج… وعجز المدرب الأجنبي يظهر بوضوح مركز النسور يختتم موسم سباقات القدرة والتحمل بمشاركة مميزة في الموقر سراب تهنئ الكابتن جلال الوعري بحصوله على الشهادة الآسيوية (B) في كرة القدم مركز إعداد القيادات الشبابية يختتم دورة الإنقاذ المائي للذكور في مدينة الحسن للشباب بطولة لخماسيات كرة القدم نظمتها المراكز الشبابية في العقبة بمشاركة ٥٠ لاعبا وفد رواد كشافة الأردن يصل إلى الكويت للمشاركة في الفعاليات العربية منتخب عُمان يتوّج بطلًا للعرب في الكرة الطائرة الشاطئية انسحابات جديدة تظلل انطلاق دوري السيدات لكرة اليد أسرة سراب سبورت تنعى شقيق رئيس اتحاد الجمباز المهندس صالح الغويري جدل حول وفد منتخب “التيكوتوكو” بعد سفره بتشكيلة محدودة اجتماع تحضيري في اتحاد ألعاب القوى استعدادًا لمؤتمر الأمان الرياضي دائرة المرافق والبرامج الرياضية تشارك في "برومين ماراثون عمّان الدولي" وتحقق إنجازًا مميزًا إنجاز جديد لفريقي مركز أبو عمارة والفروسية وRiders Run في سباقات القدرة والتحمل سفيرة الأردن تستقبل وفد المنتخب الوطني للكرة الطائرة الشاطئية للسيدات في مسقط