كافة الحقوق محفوظة © 2021.
من الأرض إلى الفضاء… كيف أصبح الدوري السعودي محط الأنظار؟
صفقة رونالدو بداية التحدي الكبير… والطموحات ما زالت متقدة
سراب سبورت _واس
تشكّل انطلاقة الدوري السعودي للمحترفين بهيئته العالمية، نموذجاً يُدرّس للأجيال داخل المملكة وخارجها، وعند ذكر هذا المنجز لا يمكن إغفال قصة الصفقة المدوّية مع البرتغالي كريستيانو رونالدو، أحد أعظم لاعبي كرة القدم في التاريخ، حيث كان انضمامه إلى هذا الدوري نقطة التحول التي غيّرت المشهد الرياضي في المملكة بالكامل؛ إذ لم تكن الصفقة مجرد تعاقد رياضي، وإنما كانت بداية لبرنامج استقطاب النجوم الذي أعاد تشكيل ملامح الكرة السعودية وجذب اهتمام العالم إلى دوري كان يسعى ليكون بين الأفضل.
وفي حديث لـ«حكاية وعد» الذي تبثه قنوات «إم بي سي»، أوضح نائب رئيس مجلس إدارة رابطة الدوري السعودي للمحترفين، سعد اللذيذ، أن المشروع بدأ باستراتيجية تهدف إلى جعل الدوري السعودي بين أفضل عشرة دوريات في العالم، مع تركيز خاص على استقطاب اللاعبين العالميين، وهو ما تم العمل عليه منذ أبريل (نيسان) 2022.
بينما يكشف الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل، وزير الرياضة، أن البداية الفعلية للصفقة جاءت خلال كأس العالم 2022 عندما تواصل معه الرئيس التنفيذي لأكاديمية «مهد»، عبد الله الحماد، وأخبره بأن رونالدو يبحث عن نادٍ جديد. وبعد لقاء أولي في قطر، تبعته اجتماعات لاحقة، تمّ التوصل إلى اتفاق في إسبانيا، ليصل رونالدو إلى الرياض في يناير (كانون الثاني) 2023 وسط ترقب عالمي. ويقول وزير الرياضة: «كنا نعلم أننا وقّعنا مع أحد أعظم اللاعبين في التاريخ، لكن حجم التفاعل الجماهيري والإعلامي تجاوز كل التوقعات».
ويضيف اللذيذ: «التوقيع مع رونالدو لم يكن مجرد صفقة، بل كان رسالة بأن السعودية قادرة على استقطاب أفضل لاعبي العالم، وجعلنا نؤمن بإمكانية أن نصبح من أفضل خمس دوريات عالمياً».
ومع ازدياد الاهتمام الدولي بدأت القنوات العالمية تتنافس على بث مباريات الدوري السعودي، في حين ازدادت طلبات التعاون من روابط دوريات أخرى.
رونالدو نفسه يعترف بتأثيره الكبير بالقول: «عندما يقوم كريستيانو بخطوة، يعلم بها الجميع. وفي البداية ظن البعض أنني مجنون بالمجيء إلى السعودية، لكنهم أدركوا لاحقاً أنهم كانوا مخطئين. واليوم الدوري السعودي ينمو بسرعة، وأنا سعيد بأنني جزء من هذه الرحلة».
وعلى الصعيد الاقتصادي ارتفعت مداخيل الرابطة بنسبة 650 في المائة، ويؤكد وزير الدولة، عضو مجلس الوزراء، محمد آل الشيخ، أن إسهامات القطاع الرياضي في الناتج المحلي قفزت بنسبة 170 في المائة منذ انطلاق برنامج استقطاب النجوم، ولم يكن مجرد مشروع تسويقي، بل كان فرصة لمعالجة التحديات المالية التي واجهتها الأندية، كما يوضح الفيصل: «قبل البرنامج كانت هناك مشكلات في العقود وتأخر المستحقات، والآن لدينا لجنة للكفاءة المالية تضمن عدم التعاقد مع أي لاعب قبل تسوية الالتزامات، وفي عام واحد انخفضت الديون المستحقة من 680 مليوناً إلى 200 مليون ريال».
الأثر لم يكن رياضياً أو اقتصادياً فقط وإنما امتد ليغير صورة المملكة عالمياً. ويشير وزير الرياضة إلى أن «وجود هؤلاء النجوم أسهم في تغيير انطباع العالم عن السعودية، وأصبح الدوري محور حديث المسؤولين في مختلف الاجتماعات الدولية».
وزير الإعلام، سلمان الدوسري، يلاحظ التأثير نفسه في زياراته الخارجية: «قبل أي اجتماعات رسمية، كان الحديث دائماً عن الدوري السعودي ورونالدو ونيمار. أصبح هذا عنصراً رئيسياً في النقاشات، ويكسر الجليد في المحادثات الدبلوماسية».
وبينما يلاحظ الأمير فيصل بن بندر، رئيس مجلس إدارة الاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية، أن احترافية النجوم الكبار بدأت تؤثر في اللاعبين المحليين، خاصة النشء الذين يشاهدون رونالدو وبنزيمة كل يوم في التدريبات والمباريات.
وحتى في الفضاء، كان للدوري السعودي حضور غير متوقع. رائدة الفضاء السعودية، ريانة برناوي، تروي كيف كان روّاد الفضاء يسألون عن كيفية نجاح السعودية في استقطاب نجوم الكرة العالمية.
الأميرة ريما بنت بندر، سفيرة المملكة لدى الولايات المتحدة، تلخص ذلك بقولها: «هناك أطفال في إندونيسيا وأميركا يتابعون الأندية السعودية بسبب هؤلاء النجوم. لقد أصبحت كرة القدم وسيلة دبلوماسية تصل من شعب إلى شعب».
وعلى الرغم من الانتقادات والتحديات، فإن برنامج استقطاب النجوم لا يزال في بداياته. ويظل مشروعاً طويل المدى، لكنه بالفعل أثبت أنه أكثر من مجرد انتقالات لاعبين، بل هو خطوة استراتيجية نحو جعل السعودية قوة رياضية عالمية.