سراب سبورت
مجلة رياضية

د. أجمل الطويقات يكتب للشباب …ثنائية البقاء بين ضفتين

نشرت صفحة أخبار واء الجامعة كلمة للشابات والشباب حيث ‏كتب عطوفة الدكتور أجمل الطويقات مدير إدارة النشاطات التربوية في وزارة التربية والتعليم

رتَّبَ اللهُ الكونَ وفقَ نظامٍ مُحكَمٍ قِوامُهُ الثنائيَّةُ، وهو القائلُ في كتابِهِ العزيزِ: “وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ”. فجعلَ للإنسانِ شفتَيْنِ ولسانًا، وعَيْنَيْنِ تُبصرانِ، ورئتَيْنِ تتنفَّسانِ، وقلبًا ينبضُ بحياتِهِ بينَ بُطَيْنٍ أَيْمَنَ وآخَرَ أَيْسَرَ.

ولم يَغِبْ نهرُ الأردنِّ عن هذهِ المعادلةِ الكونيَّةِ، إذْ شقَّ الأرضَ فجعلَ لها ضفَّتَيْنِ، شرقيَّةً وغربيَّةً، كأنَّما جَسَدٌ واحدٌ وُضِعَتْ رئتاهُ على ضفَّتَيْهِ. وفي هذا التشبيهِ ما يفتحُ البابَ أمامَ تأمُّلاتٍ أعمقَ في علاقةِ الجغرافيا بالرُّوحِ، وفي معنى الشراكةِ بينَ ضفَّتَيْنِ ليستا مجرَّدَ ضِفافِ نهرٍ، بل ضفَّتَيْ التاريخِ والمصيرِ.
فالقوَّةُ، كما نعلمُ، لا تُستمدُّ من يدٍ واحدةٍ، بل من تشابكِ الأصابعِ، وتعاضُدِ اليدَيْنِ. وإنْ ضَعُفَتْ رئةٌ، شدَّتِ الأُخرى أزرَها، وإنْ أُصيبَتْ كُليةٌ بالفشلِ، كانتِ الأُخرى سببًا في البقاءِ. هكذا هما الأردنُّ وفلسطينُ: جَسَدانِ بروحٍ واحدةٍ، لا تَحيا الواحدةُ إلَّا بسلامِ الأُخرى.
الأردنُّ القويُّ هو ضرورةٌ حتميَّةٌ لأمنِ المنطقةِ واستقرارِها، لا سيَّما فلسطينَ؛ فثباتُهُ في قلبِ إقليمٍ مضطربٍ يظلُّ صمَّامَ أمانٍ وحصنًا منيعًا لأحلامِ العربِ، ولِحُلمِ التحرُّرِ من التبعيَّةِ والتَّشتُّتِ.
ومن رحمِ هذهِ المعادلةِ السياسيَّةِ النبيلةِ، فإنَّ الأردنَّ جَذْرُ الشجرةِ التي غُرِسَتْ بمبادئِ الثورةِ العربيَّةِ الكبرى، فنمَتْ في تُربةِ الوفاءِ، وتفرَّعَتْ منها أغصانُ الحريَّةِ، ليستظلَّ بها كلُّ عربيٍّ يُؤمنُ بالكرامةِ والعدلِ والهُويَّةِ.
في زمنِ التحوُّلاتِ الكبرى، نَسمعُ أصواتًا تدفعُ الأردنَّ نحوَ الفوضى. بعضُ هذهِ الأصواتِ يعلو بجهالةٍ وحُسنِ نيَّةٍ، وبعضُها يَهمسُ بخبثٍ تحتَ عباءةِ القُربى. لكن، سواءٌ كان الانجرارُ عن سذاجةٍ أم عن خيانةٍ، فالنتيجةُ واحدةٌ: انتحارٌ جماعيٌّ، لن يُوقظَ فلسطينَ من سُباتِها، بل قد يَدفنَها في رُكامٍ من العدمِ. فهل يَجلبُ فناءُ الأردنِّ حياةً لفلسطينَ؟!
العقلاءُ وحدَهم من يُدرِكونَ أنَّ القلبَ لا يَنبضُ إلَّا بكِلا شقَّيْهِ، وأنَّ الحكمةَ، لا التهوُّرَ، هي مركبُ النجاةِ وسطَ العواصفِ. نحنُ مع المقاومةِ، نعمْ، ومع حقِّ الأُمَّةِ في أرضِها السليبةِ، ولن نتخلَّى عن قضيَّتِنا الأولى، لكنَّنا نختارُ الوقتَ والوسيلةَ بعَيْنِ اليقينِ لا الانفعالِ.

إنَّ وقوفَنا خلفَ قيادتِنا الواعيةِ في هذهِ المرحلةِ ليس موقفًا عاطفيًّا، بل هو قرارٌ عقلانيٌّ. فقد أظهرتِ العقودُ الثلاثةُ بعد وادي عربةَ، وخاصَّةً مع تسلُّمِ نتنياهو الحُكمَ، الوجهَ الحقيقيَّ للفكرِ الصهيونيِّ: وجهٌ استعلائيٌّ، فاشيٌّ، لا يُؤمنُ بشراكةٍ ولا بحقوقٍ. وهذا الإدراكُ المتأخِّرُ أو المتجدِّدُ يدعونا لليقظةِ، وللاستعدادِ الجادِّ للصدامِ الآتي لا محالةَ.

لقد خُضْنا تجاربَ مريرةً مع هذا العدوِّ، من نكبةِ عامَ 1948، حينَ اقتُلِعَ شعبٌ من أرضِهِ، واقتُلِعَتِ الحقيقةُ من ذاكرةِ العالمِ، إلى نكسةِ عامَ 1967، التي مزَّقَتِ الجسدَ العربيَّ، وأدخَلَتْهُ في دوَّامةِ التِّيهِ. ثم جاءتْ معركةُ الكرامةِ في 21 آذارَ 1968، حيثُ سطَّرَ الجيشُ العربيُّ الأردنيُّ فيها أروعَ ملاحمِ البطولةِ، فوقفَ شامخًا بوجهِ العدوانِ، وردَّ المعتدينَ على أعقابِهِم، مُثبِتًا أنَّ الكرامةَ لا تُمنحُ، بل تُنتزعُ، وأنَّ الأردنَّ حينَ يغضبُ، يصنعُ من ضبابِ الفجرِ ملحمةً. ثم تَلَتْها حربُ الاستنزافِ، ثم حربُ العاشرِ من رمضانَ، حيثُ سُجِّلَ للأمَّةِ أنَّها لا تُهزَمُ ما دامتْ على قلبِ رجلٍ واحدٍ.

وها نحنُ اليومَ نُساقُ إلى مفترقِ طُرُقٍ؛ إمَّا أن نَتماسَكَ خلفَ الدولةِ، وإمَّا أن نَسمحَ لانهيارِنا من الداخلِ على يدِ أعداءٍ يَلبسونَ جلودَنا، ويتكلَّمونَ بألسنتِنا؛ فالعدوُّ الحقيقيُّ اليومَ ليس فقط من على الضفَّةِ الأُخرى، بل ذاكَ الذي بينَنا، يَندَسُّ في لحظاتِ الضعفِ، ويَبُثُّ سُمومَهُ في العقولِ والقلوبِ.

فلنكنْ على وعيٍ أن لا بقاءَ بلا وحدةٍ، ولا كرامةَ بلا دولةٍ، ولا نصرَ بلا عقلٍ.

وما الوطنُ المُروَّى بالدماءِ مُجرَّدٌ… من تُرْبِهِ، بل روحُهُ فينا تَسري
إذا ما هانَ في عَيْنَيْكَ أرضٌ وأهلُها… فكلُّ بلادِ اللهِ عنكَ ستَجفو.

اقرأ ايضاً
أخبار عاجلة
نجوم الكارتينغ يتنافسون في الجولة الثانية من بطولة الأردن في مادبا غدا مركز شابات عجلون ينفذ برنامجاً تدريبياً حول "محاكاة الأعمال الصغيرة" شخصية رياضية مطلعة: التغيير قادم في اتحاد ألعاب القوى والفرج قريب رؤساء أندية العربي وساكب وكفرنجة يرفضون رد اتحاد اليد: «تحدٍ ومماطلة» جدل حول تجنيس لاعبات في منتخب السلة الأردني المشارك بالبطولة العربية في مصر استهجن مؤامرة اقصائة "الدراماتكية" مع امنه عودة من المجلس الجديد انطلاق تصفية المنتخبات الوطنية لكرة الطاولة مبادرات شبابية أردنية تقدّم حلولًا حقيقية لقضايا وطنية اختتام معسكر التدريب المهني والتعليم التقني لشابات الزرقاء في العقبة فريق NES للرحلات ينطلق إلى جورجيا لخوض مغامرة استثنائية! اختتام فعاليات معسكر النشاط الرياضي والبدني في مركز شباب المنشية بطولة لكرة اليد الهجانة بمناسبة عيد ميلاد سمو ولي العهد أيلة تُنظّم الجولة السابعة من تحدي Medal Eclectic وبطولة Ayla Junior League أكثر من 25 ألف طلب في برنامج المتطوعين FIFA قطر 2025 حدثتني العصفورة… «حين يُجبر الإعلام الرياضي على خلع قفاز الحقيقة» في كواليس المستشار... العصفورة لا تكذب… لكنها تهمس فقط عالية وليد العساف... أصغر فارسة تتألق في بطولة التحدي لفروسية القفز عن الحواجز قطر تستضيف بطولة العالم للكرة الطائرة للفتيان تحت 17 سنة لعام 2026 شهد العواملة... نجمة الطائرة الأردنية تحلّق بالذهب والعلم من عمّان إلى تورونتو سراب سبورت تشارك النجم سالم العجالين أحزانه في كواليس الدورة... معايير غامضة و"منتج رياضي" في الخلفية! افتتاح فعاليات النادي الصيفي في مركز زها الثقافي – ديرعلا همسة العصفورة | "تبرعات على المقاس!" برعاية رئيس الاتحاد الأردني للكاراتيه حسن مسعود مركز الفهد الأسود يكرّم لاعبيه المنضمين للمنتخب الوط... شراكة قانونية لخدمة ذوي الإعاقة: نادي المستقبل يوقّع اتفاقية تعاون مع "كسواني ومشاركوه "الخسارة ليست النهاية... بل بداية لحكاية قادمة" رسالة إلى الأمير مرعد: الكفيف يتدرب وحده... والإصابات تتوالى ‏بداية قوية لـ "النشميات" في البطولة العربية للسيدات بكرة السلة اجتماع تنسيقي بين مدينة الحسن للشباب والأمن العام لتعزيز سلامة الجماهير الرياضية بدأ العد التنازلي لرالي جوردان رايدرز 2025 في مدينة العقبة