سراب سبورت
مجلة رياضية

بين العسكرية والدبلوماسية: عرابها رئيس إتحاد الرماية حسين هزاع المجالي

سراب سبورت _حوار ملاك الطراونة 

بين طيات تاريخ الأردن العريق، في مكتبه الذي يعج بهيبة الماضي وذكريات الحاضر، نلت فرصة الغوص في تفاصيل المسيرة الملهمة التي خاضها معالي السَّيِّد حسين هزاع المجالي رئيس الاتحاد الأردني للرماية، الذي نشأ وترعرع في كنف الراحل الحسين بن طلال – رَحِمَهُ الله-؛ بعد أن فقد والده شهيدا وهو لم يتجاوز السبعة أشهر من عمره، ليصبح فيما بعد رجل الدولة، وصاحب التجارب السياسية والعسكرية، الذي لطالما كان في قلب الأحداث.

جلست قبالته، فيما كان الوقت يمضي ببطء شديد كأنما يشتبك مع الثقل التاريخي المهيب لكل كلمة ينطق بها، فكان على الدوام يحمل في قلبه نبض الأردن الصادق، وفي وجدانه عمدت وصايا الحسين كإرث خالد، لتكون المنطلق إلى ميادين القيادة؛ بفكره المستنير وعمله الدؤوب.

تقلد خلال محطات مسيرته العسكرية والسياسية مناصب عدة، كان أبرزها خوض غمار البطولة إبان مَا أطلق عليه (الربيع العربي)، حين تولى قيادة الأمن العام؛ فقاد الجهاز بحنكة فذّة، أجهضت محاولات جرّ المملكة نحو بؤرة الصراع في المنطقة. فيما كشف النقاب خلال الحوار عن المرتكزات الأساسية التي يستند عليها الأمن الداخلي الأردني الذي يمثل ركيزة استقرار في محيط مضطرب، فضلا عن الحديث الذي بدأ حول نشأته في القصور الملكية.

هنا تفاصيل الحوار:

كيف أثرت تربيتك ونشأتك في كنف الراحل الحسين بن طلال، على صقل شخصيتك القيادية والعسكرية؟

بصوت يحمل شجنا وتأملا، بدأ المجالي حديثه قائلا:

” أفكر في الأمر كثيرا، وأوقن دائما أن رب العباد حين يأخذ شَيْئًا يعوضه بأضعافه. استشهد والدي حين كنت طفلا بعمر 7 أشهر و4 أو 5 أيام فَقَط؛ ليضعني القدر في رعاية الراحل (الحسين بن طلال) رحمه الله، فترعرعت في بيتٍ سياسي وعسكري أيضا، من طرف أخوالي، فهذه البيئة كانت غنية بالمفاهيم العَسْكَرية، والسياسية التي شكلت شخصيتي.

كما وهبني رب العباد شخصيات أخرى كان لها أثر كبير في حياتي؛ فكان لي اطلاع على أكثر من شخص خلال مسيرتي، فنشأت محاطًا بالكثير من الخبرات مثل: عمي “عاكف الفايز”، الذي كان له تأثير كبير أيضا على صقل شخصيتي، تاريخ والدي، إضافة إلى الأمير محمد بن طلال رحمهم الله جميعا، وأيضا إخواني الكبار الذين مارسوا العمل السياسي، وعمل الدولة والإدارة قبلي، فهذا كان تعليمًا “ببلاش” كما يقال!

خلال عملي مع الحسين رحمه الله كنت أجلس وأرى الاجتماعات والأحاديث، فهذه كانت كلها مدرسة كونت فكري حول ما يجب أن أفعل وما لا يجب أن أفعل، وعندما أنظر لجلالة الـمَلِك عبد الله أيضا، أرى الحُسَين؛ الشخصيتان مختلفتان، لكن الأساس واحد، وهو النظرة بعيدة المدى. فهذه كلها تشربتها وتعلمت منها ولو أخذت منها 10% فقط لكنت فعلا أفضل قائد في العالم. ”

 

ذكرت أنك تعلّمت الكثير من الملك الحسين رحمه الله، وفي الوقت نفسه تقلدت العديد من المناصب السياسية والعسكرية التي تدرجت بها، ما القيم والرؤى التي تشكلت وتبلورت لديك خلالها لخدمة الوطن؟

” يجب أن نصل إلى قناعة أنك أنت خادم للوطن، وليس الوطن خادما لك. إذا توصلنا إلى هذه القناعة، وجعلناها مع عوامل أخرى لتكون منصة تنطلق منها، سترتاح طوال مسيرتك.

أولا، أنت خادم للوطن، وخادم للملك، وفي نهاية المطاف، هناك قبطان واحد للمركب، تستقي منه الأوامر، والتوجيهات، وتتعلم منه أسلوب العمل.

ثانيا، الجهاز الأمني هو للوطن، وللمواطن. وجد للحفاظ على أمن الوطن والمواطن، فإذا توصلت لهذه القناعة، فأنت أيضا كالعوامل التي سبقتها. أما العامل الأخير ألا تبتعد عن الإنسانية، وأن تهتم بالكوادر التي تتبع لك، ويجب أيضا أن تتحدث بلغتهم لإيصال الرسالة والأمر، وأسلوب العَمَل لَهُمْ.

أعتقد أن هذه العوامل كلها مجتمعة، تشكل كما سألت (القيم) التي يجب أن ننطلق بها في عملنا، حيث أنه من الصعب جدا أن ندمج بين تلك العوامل جميعها، لكن إذا استطعنا أن نتوصل لها فنحن بألف نعمة، وألف خير.”

خلال تقلدك قيادة الأمن العام تحديدا، اشتهرت بسياسة الأمن الناعم، وكنت من طباخيها. برأيك لو حدث ربيع عربي جديد في ظل الأوضاع التي يشهدها الشرق الأوسط، هل تجدي هذه السياسة نفعا اليوم كما أجدت سابقا؟

” أعيدها دائما، سياسة (الأمن الناعم) نحن لم نطلقها على أنفسنا، بل أطلقتها الصحافة، ونحن في جهاز الأمن العام، من مدير الجهاز وحتى أدنى رتبة، في مكافحة الجريمة، وحفظ النظام العام، ومنع تهريب المخدرات وغيرها، لا يوجد هناك أمن ناعم وأمن خشن، هناك أمن ونظام عام. هذا لست أنا من أحدده! الدستور، والقانون، والأنظمة والتعليمات من تحدد ذلك، ونحن نعمل في هذا الإطار. أنت من تقرر جدية الالتزام، فلا يجب أن يكون هذا خيارًا، هذا مفروض علينا!

أما ما سمي بـ (الأمن الناعم)، فكان يتحدث عن التعامل مع (مساحات التعبير عن الرأي)؛ فهذا ليس قرار مدير أمن عام، ولا قرار وزير الداخلية، هذا الفضاء منحه الدستور للمواطن. نحن فقط طبقنا ما يمليه علينا الدستور، وما تمليه علينا القوانين، وما يمثّل توجيهات القائد الأعلى للقوات المسلحة الأردنية، وملك المملكة الأردنية الهاشمة. أعود لنهاية سؤالك. هل في الظرف الحالي تُجدي نفعا؟

هذا ليس (منّيّة) من الدولة على المواطن، هذا واجب الجهاز، والأجهزة المساندة، ووزارة الداخلية التي تقع كل تلك الأجهزة تحت رايتها! أنا برأيي، عدا عن مخالفة القوانين، هناك فضاءات للمواطنين يجب أن يسمح بها للحد الذي (تنتهي به حريتك عندما تزاحم حرية الآخر)، فالمساحات للجميع عندما لا يتعدى أحد على حرية الآخر، فهو ليس خيارًا! هذا نهج هاشمي، طريق دَوْلَة. ”

 

من خلال خبرتك في المجال سياسي والعسكري، ونحن نعي جيدًّا مواقف الأردن الثابتة تجاه القضية الفلسطينية والقضايا العربية. كيف يمكن للأردن المحافظة على أمنه الداخلي، دون الانزلاق إلى بؤرة الصراع؟

أولا هذه دولة مؤسسات، مهما كان يدور في الجوار، يجب أن تكون مستعداً لأسوأ الأحوال، وندعو الله إلى أن يحصل الأفضل؛ فالأردن قوي بمؤسساته، وبقيادته، وبقواته المسلحة، وأجهزته الأمنية، والعنصر الأهم قوي بالمواطن الأردني؛ فنحن دولة صغيرة، إمكاناتها محدودة، لكن قدراتنا عالية، وقوتنا لا يستهان بِها، وقَدْ واجهنا الضغوطات التي مورست علينا، والتحديات والعقبات التي مررنا بها، منذ انهيار منظومة السيطرة في النظام السابق في سوريا على الحدود.

اليوم بعد مرور 13 سنة بعد انهيار منظومة السيطرة على الحدود، نحن بخير! علما بأن الوضع كان أسوأ بِكَثِير ممّا هو عليه الآن، لأنه كانت هناك جهات كثيرة على الحدود؛ عَرَبِيَّة وغير عَرَبِيَّة تضمر الشر للأردن. لكن على الأقل الآن ما هو على حدودنا لا يضمر الشر للأردن، ننتظر ونرى، ولكننا جاهزون لأي سيناريو.

بالحديث عن الضغوطات، كيف تقرأ مواقف الأردن وعلاقاته مع الدول العظمى كالولايات المتحدة الأمريكية، خصوصا في مواقفه تجاه القضية الفلسطينية؟

بتنهيدة أجاب..

” يعني نرجع ونقول، الأردن دولة ذات مصادر طبيعية محدودة جدا ومتواضعة، ونحن دولة مثقلة بالدين العام، ونعتمد على المساعدات. أكبر مساعدة للملكة الأردنية الهاشمية تأتي من الولايات المتحدة الأمريكية، والاستثمار والدعم الخليجي الَّذِي لا نستطيع أن ننساه.

في العلاقات ” الجيوستراتيجية “، لا تستطيع أن تلعب وحدك! الصين يمكن أن تلعب وحدها مثلا لكن روسيا لا تستطيع.

نحن دولة صغيرة في محيط ملتهب، نحتاج للتكتلات والتحالفات لإدامة الحياة للمواطن، فالقضية الفلسطينية بالنسبة للأردن هي أم القضايا، ولكن عِنْدَما نَكُون ضُعَفاء – لا قدر الله – لا نستطيع أن نساند فلسطين. أردن قوي ونحن أقوياء، فنستطيع أن نساند فلسطين.. فاعمل على تقوية الأردن لأجل القضية الفلسطينية والقضايا العربية، فالتحالفات لا مفر منها، يعني أنظر اليها وأقول لا قدر الله لو تأثر الاقتصاد أكثر وأكثر، أو انهارت العملة، أو انعدمت القدرة على الالتزام بالرواتب، هذه كارثة!

جلالة الملك عبد الله وحكومته همّهم وأولويتهم المواطن الأردني، وهذا ما يقومون به.

أعيد وأقول، إذا لَمْ يَكُنْ الأساس متينًا، لا نستطيع أن نرتقي بأدوارنا، ودائما منذ تأسيس الدولة عام 1921 وَنَحْنُ ننجز، ونتطور، ونحن اليوم ندخل المئوية الثانية، والأردن قوي بقيادته، وبشعبه، وبمؤسساته وأجهزته العسكرية والأمنية، فهذه القوة مستمدة من سياسة حصيفة متّبعة في ظل الوضع الجيوسياسي والجيواستراتيجي، الموجود في العالم. ”

 

بالحديث عن التحالفات، هناك أصوات تنادي في الشارع الأردني، ولا نستطيع أن ننكر صوت الشارع، بأن معاهدة السلام بين الأردن وإسرائيل لا جدوى منها في الوقت الحالي. ما تأثير إلغاء هذه المعاهدة على الشأنين الأردني والفلسطيني؟

” أول شيء، أي معاهدة تقوم بها يجب أن تحترمها، ثانيا، سنخنق فلسطين!

لو ألغينا المعاهدة هل نستطيع أن يكون لدينا 3 مستشفيات ومحطتان جراحيتان في فلسطين، اثنان منهما في بؤرة الـمعْركة؟ ثانيا عدا عن المساعدات الجوية، حيث أنزل الأردن (هيلوكوبترات) أوصلت المساعدات إلى قلب غزة على الأرض، بالإضافة إلى المحافظة على إبقاء المعابر مفتوحة، والتواصل المستمر للتخفيف عن أهلنا في فلسطين. أنا برأيي، المتضرر الأول من إنهاء أو إيقاف العمل بمعاهدة السَّلام هم الفلسطينيون، هذا رأيي الشخصي”.

اليوم في ظل هجمات التشكيك التي يواجها الأردن، والضغوط السياسية، نرى أن الشباب الأردني يزداد التفافًا حول الراية الهاشمية، كيف يمكن للشباب الأردني إلى جانب هذا الالتفاف أن يترجم حبه للوطن؟

حب الوطن ليس في الأغاني، ولا بكلمة ” يعيش جلالة الملك”، أكثر شيء يمقته الملك هو ” التعييش”.

أولا: كما ذكرت، الالتفاف.

ثانيا: استيعاب المغزى مما يدور في الفضاء الرَّقَمِي، وفي الصحافة الورقية أو المرئية، أو المسموعة؛ لأنه حقا هناك الكثير من الأخبار المغلوطة، يجب علينا عندما نسمع خبر أن نتأكد من مصدره، ومن المقصود فِيهِ؛ فالوعي الإعلامي والسياسي، والوعي بالفضاء الرَّقَمِي مهم جدا.

ثالثا: أدِّ واجبك نَحْوَ الأردن، فكل منا لديه واجب يجب أن يتقنه ويعمل به، فلنكن جادين بالعمل لنجعل الأردن أفضل، وأقوى، ونبتعد عن التشكيك الذي يأتي من جهتين، وكلاهما أسوأ من الآخر.. إما الجهل، أو القصد في التجريح والتشكيك، والجهل أسوأ من النية السيئة، فكما يقال ” مجنون يرمي حجر، 100 عاقل ما بطلعه”.

 

وختم رجل الدولة معالي السّيّد حسين بمقولة الملك عبد الله الثاني ” الشباب هم طريق المستقبل”، أنتم مستقبل الأردن!

فأدعوكم لأن تتحملوا مسؤوليته، وإياكم أيها الشباب والشابات من التعصب الأعمى المبني على الطائفية، أو العصبية الجغرافية، أو عصبية العقيدة، فكلنا من هذا التراب، ونفكر بطريقة واحدة. الأردن والقيادة الهاشمية.

 

 

 

 

اقرأ ايضاً
أخبار عاجلة
محمد بن سليم: ملتزمون بتحول «دولي السيارات» إلى منظمة عصرية الفارس راشد ارتيمات يستعد للسباق الدولي للقدرة والتحمل الجمعة... انطلاق الموسم الثاني من دوري المقاتلين المحترفين في جدة بين العسكرية والدبلوماسية: عرابها رئيس إتحاد الرماية حسين هزاع المجالي مركز شباب الوسطية ينظم بطولة "الاستقلال لخماسيات كرة القدم" 350 هدفا في 132 مباراة في دوري المحترفين لموسم 2024-2025 على طاولة "جلسة اللجنة الأولمبية " وقف نزف المال العام في إتحاد المبارزة ختام فعاليات تصفيات المنتدى الأفرواسيوي للابتكار والتكنولوجيا المؤهلة "للدولية السادسة" مركز الصيفي ينظم بطولة الدريساج الاولى للفروسية الحسين يتوج بلقب الدوري الأردني للمحترفين أربع مختصين يدرسوا العاب القوى في الجامعة الأردنية لم يتمكنوا من اختيار لاعب واحد منجز ..وخرجنا بنتا... دعوات بعدم خوض مباراة منتخب السلة مع منتخب الاحتلال ضمن كأس العالم للشباب برعاية وزير الشباب والرياضة وبحضور نخبوي ماراثون بيروت... ولادة مدينة تغلب موتها 15 ألف مُشارك يشهدون على أنّ خطّ النهاية ليس سوى انطلاق جديد الأولمبية الدولية ترفض طريقة وزير الرياضة لإعتماد تعديلات القانون الأهلي المصري يحقق أول انتصاراته تحت قيادة «النحاس» سحب قرعة بطولة العالم لكرة الطاولة قطر 2025 الحكم السوري الدولي ميساء هاشم ضمن قائمة أفضل 30 حكماً لإدارة بطولة العالم الصيفية للجامعات المنتخب الفلسطيني للأشبال للتايكواندو يكثف استعداده للمشاركة في بطولة العالم..في الأردن “أبوظبي إكستريم” تعلن إقامة بطولتها العالمية في موسكو للمرة الأولى مدير شباب الكرك يُجري زيارة تفقدية لمركزي شباب وشابات القطرانة ولمشاريع شبابية في المنطقة عقلة الخزاعلة يظفر بلقب ماراثون الاتحاد الرياضي العسكري امام د.نذير عبيدات...دكتور يرد على الهاتف بالمحاضرة....وغيره يدرس مواد لم يكن لاعبا فيها ؟؟!! من يتحمل مسؤولية هذا الإخفاق الكارثي؟ في البطولة الآسيوية للملاكمة لواء الجامعة بطل دورة الاستقلال الثالثة والعشرون لاعب المنتخب الأردني العسكري للماراثونات اسامة بني عطية يتوج بالميدالية الفضية متعافية من السرطان تحرس مرمى البايرن في «نهائي ألمانيا» رالي السعودية ينطلق الخميس في جدة بمشاركة 8 دول في عيد العمال.. تحية لمن يصنعون الحياة لجنة المسابقات تؤكد أهمية بطولات اتحاد غرب آسيا