كافة الحقوق محفوظة © 2021.
نغم أبو سمرة.. حلمٌ أولمبي اغتاله الاحتلال
سراب سبورت _
في زمنٍ أصبحت فيه الأحلام الفلسطينية تُقصف كما تُقصف البيوت، تبرز حكاية نغم أبو سمرة، لاعبة الكاراتيه الشابة، كعنوانٍ مؤلم لفصلٍ جديد من معاناة شعبٍ يرفض أن يستسلم. نغم لم تكن مجرّد رياضية، بل كانت صورة مُشرقة لطموحٍ يولد من بين الركام، ويحمل بين قبضتيه حلم وطنٍ يرزح تحت الحصار.
منذ نعومة أظفارها، آمنت نغم أن لا سبيل لكسر القيود إلا بالإرادة، فاتخذت الكاراتيه نهجاً، وحصدت الحزام الأسود وهي لم تتجاوز الثانية عشرة. سرعان ما لمع نجمها على الساحة الرياضية الفلسطينية، متوجةً بالألقاب، وراية فلسطين ترفرف خلف خطواتها الثابتة على منصات التتويج. وبانضمامها إلى المنتخب الوطني، أصبحت نغم أيقونة للأمل، ورسالة حيّة للفتيات الفلسطينيات بأن الرياضة قد تكون طريقاً للتحرر لا الترف.
لكن نغم لم تقف عند حدود الإنجازات الشخصية، بل أسست نادياً رياضياً لتدريب الفتيات في غزة، مؤمنة أن الكاراتيه ليست فقط رياضة، بل أداة مقاومة، ومساحة لتمكين المرأة الفلسطينية وسط مجتمع محاصر وظروف قاهرة.
في الرابع والعشرين من عمرها، كانت نغم على أعتاب حلمٍ أولمبي، لكن الحلم الفلسطيني – كالعادة – لا يُكتمل. في غارةٍ جويةٍ شنها الاحتلال على منزل عائلتها في مخيم النصيرات، استشهدت شقيقتها رزان مع عدد من أفراد العائلة، وأصيبت نغم بجراحٍ خطيرة أدت إلى بتر قدمها. وبعد صراعٍ مؤلمٍ مع الموت، وفشل محاولات إنقاذها في غزة، نُقلت إلى سيناء، وهناك لفظت أنفاسها الأخيرة.. لتُطفأ الشعلة قبل أن تضيء.
نغم ليست قصةً فردية، بل تجسيد حيّ للاستهداف الممنهج للرياضة الفلسطينية: أندية تُدمر، ملاعب تُقصف، رياضيون يُغتالون أو يُعتقلون، وأحلام تُطارَد فقط لأنها تُحلّق. إنها رسالة واضحة: في فلسطين، حتى الحلم يُستهدف.
قصة نغم أبو سمرة تذكّر العالم أن الاحتلال لا يخشى السلاح بقدر ما يخشى الحياة، ولا يطارد المقاتلين وحدهم، بل يطارد كل ما ينبض بالأمل، وكل من يصرّ على أن يكون له غد.