كافة الحقوق محفوظة © 2021.
أول رسالة دكتوراه في مصر والعالم العربي عن “مستقبل التزييف العميق” تكشف خطورة الظاهرة وتقدم خطة استراتيجية لمواجهتها
سراب _
ناقش الباحث الدكتور عبد السلام مبارك، بقسم الإعلام بكلية الآداب – جامعة سوهاج، أول رسالة دكتوراه من نوعها في مصر والعالم العربي بعنوان: “مستقبل التزييف العميق للمحتوى الرقمي وانعكاساته المجتمعية والإعلامية”. وتناولت الرسالة بعمق ظاهرة “التزييف العميق” (Deepfake) وما تمثله من تحديات معلوماتية وأمنية وإعلامية تهدد مصداقية المحتوى الرقمي وثقة الجمهور في مصادره.
وطرحت الرسالة رؤية استراتيجية شاملة لمواجهة ما وصفته بـ”الوباء المعلوماتي”، من خلال أربعة محاور رئيسية، شملت:
1. تعزيز قدرات المؤسسات الإعلامية في التحقق من المحتوى الزائف والتصدي له.
2. دور الجامعات والتعليم في بناء وعي نقدي وتثقيف الجمهور حول تقنيات التزييف وأساليب كشفها.
3. تطوير الإطار القانوني والتشريعي لردع الاستخدامات الضارة وتقنين التعامل مع المحتوى المزيف.
4. تنشيط دور المجتمع المدني والمبادرات المجتمعية لبناء “مناعة مجتمعية” ضد التضليل الرقمي.
وكشفت الدراسة أن تقنيات التزييف العميق شهدت تطورًا غير مسبوق بفضل الذكاء الاصطناعي، حيث أصبح من الصعب تمييز المحتوى المزيف حتى على المتخصصين، خاصة مع إمكانية التزييف في البث المباشر وسهولة الوصول إلى أدوات إنتاجه.
وتوقعت الدراسة استمرار ما وصفته بـ”سباق التسلح” بين أدوات التزييف ووسائل الكشف، في ظل بطء في التشريعات وتطور أبطأ في وعي المستخدمين، مع استمرار التحديات المتعلقة بثقة الجمهور في المحتوى الرقمي. وطرحت ثلاثة سيناريوهات مستقبلية: سيناريو ثابت يقوم على التعايش المدروس، وسيناريو تفاؤلي يعكس نجاح المواجهة، وسيناريو تشاؤمي يطرح انهيار الثقة وتفشي الفوضى المعلوماتية.
وأظهرت نتائج الدراسة آثارًا خطيرة للتزييف العميق على المشهد الإعلامي، من بينها:
تفاقم الشائعات والمعلومات المضللة.
تآكل الثقة في المحتوى الرقمي والمؤسسات الإعلامية.
صعوبة التحقق من واقعية المحتوى المزيف.
تهديد استقرار المجتمعات من خلال حملات تشويه واستخدام التقنية في نشر التطرف ونظريات المؤامرة.
كما بيّنت الدراسة أن انتشار التزييف العميق يعود إلى عدة عوامل منها: سهولة استخدام الأدوات، غياب الوعي المجتمعي، ضعف التشريعات، وخوارزميات منصات التواصل الاجتماعي التي تعزز الانتشار السريع للمحتوى الزائف.
ورغم التحذيرات، لفتت الدراسة إلى إمكانات إيجابية محتملة للتقنية، مثل استخدامها في إعادة تمثيل الأحداث التاريخية، رواية القصص الإخبارية، واسترجاع أصوات شخصيات شهيرة مثل أم كلثوم وأبله فضيلة.
وشددت الرسالة على ضرورة تأهيل الصحفيين والإعلاميين تقنيًا، وتوقعت أن تظهر تخصصات إعلامية جديدة تُعنى بالتحقق والتحليل الرقمي، في ظل التحديات النفسية والمهنية المتزايدة.
كما أوصت بدور فاعل لمنصات التواصل الاجتماعي، من خلال:
تطوير أدوات الكشف المدمجة.
فرض عقوبات على المحتوى الزائف.
التعاون مع مؤسسات دولية.
دعم مبادرات التحقق ومكافحة التضليل.
إطلاق حملات توعية للمستخدمين.
وفي ختام المناقشة، منحت لجنة الحكم والمناقشة الرسالة درجة الدكتوراه بمرتبة الشرف الأولى مع التوصية بطباعتها وتداولها على نطاق واسع، تقديرًا لأهميتها وريادتها في طرح أحد أخطر التحديات الرقمية المعاصرة.