كافة الحقوق محفوظة © 2021.
الأهلي لا يقف على أحد… ومصر تودّع نجومها بصمت الكبار … بقلم: محمد أحمد حسن
بقلم: محمد أحمد حسن | مصر – أسيوط
في زمنٍ أصبح فيه ولاء اللاعب لا يُقاس فقط بالشعار الذي يُقبِّله بعد تسجيل الهدف، بل بالأرقام التي تُسجَّل في العقود، والفرص التي تُطرق على الأبواب… غادر رامي ربيعة أسوار الأهلي صوب العين الإماراتي مجانًا، وتبعه أكرم توفيق إلى الشمال القطري بنفس الطريقة، وقريبًا قد نسمع إعلان السويحلي الليبي عن انضمام عمرو السولية، وربما نشهد حمزة علاء يُحلق في سماء الاحتراف أو ينتقل إلى نادٍ محلي جديد.
لم تكن تلك القرارات وليدة لحظة، بل وراءها عروض مالية ضخمة، فرقٌ واضح وملموس بين ما عرضه الأهلي وما قدّمه الخليج، تجاوز في بعض الحالات عشرين وثلاثين مليون جنيه. وهي أرقام باتت منطقية في عالم الكرة المعاصر، حيث تسود لغة السوق، ويُحدَّد الولاء بسقف الراتب، لا باسم المدرج.
الغريب أن الأهلي، رغم هذه الخسائر المتتالية لأسماء مهمة، لم يصرخ في وجه الرياح، ولم يلوّح براية المؤامرة. لم يتحدث مسؤولوه عن خطط مدبّرة لهدم الفريق، ولم يظهر إعلامه ليشكك في نوايا العروض أو خلفياتها. بل على العكس، تعامل النادي بمنطق الكبار: من يرغب في الرحيل، فليذهب مكرمًا، ومن يبقَ، فليجد في الأهلي الأمان، والانضباط، واحترام التعاقد.
هذا المشهد، حين يُقارن بمشهدٍ آخر في ميت عقبة، يبدو أكثر نضجًا وهدوءًا. فعندما خرج أحد نجوم الزمالك بعرض خارجي، ارتفعت الأصوات: “لماذا لاعبونا فقط؟ أليست هناك مؤامرة؟”، وتحوّلت العروض الخليجية إلى شُبهة، لا فرصة. ظهر شعار جديد آنذاك، أطلقه الإعلام الأبيض ونجومه السابقون:
“هو إشمعنى لاعيبة الزمالك بس هي اللي بتجيلها عروض؟”
لكن الحقيقة التي لا جدال فيها، أن لاعبي الأهلي لطالما جاءت إليهم عروض مغرية، وبعضهم آثر البقاء، لا خوفًا، بل اقتناعًا بما يقدمه النادي: استقرار مالي، احترام، منظومة لا تُفرّط في تاريخها ولا تُقايض على كبريائها. ومن قرر الرحيل، لم يُلاحق بالشائعات، بل خرج من الباب الكبير.
هذه هي سنة الحياة. عصر الاحتراف لا يعرف العواطف، والأهلي يعرف كيف يُعيد البناء من جديد في كل مرة يظن فيه البعض أنه فقد أساساته. النادي الذي لا يتوقف، لا يُرعبه رحيل لاعب، ولا يُرهقه تعويض نجم.
فـالأهلي لا يقف على أحد…
وهو وحده من يعرف متى يُطلق السراح، ومتى يُغلق الباب بحسم دون ضجيج.