كافة الحقوق محفوظة © 2021.
د. ثروت المعاقبة تكتب…حين تتحوّل المصالح إلى طبول حرب “المنتفعون في زمن التناقضات”
ظهر في الآونة الأخيرة من يرتجفون وهم يكتبون، وتفيض كتاباتهم بالأخطاء الإملائية، وقلة الخبرة، وضيق الأفق يبحثون عن العناوين البراقة ليخفوا بها خيبتهم الداخلية، ونراهم يسخطون على الوزارات والمسؤولين، مدّعين أنهم الأعلى خبرة، والأكثر نفعًا للعمل.
لقد أصبح الميدان الشبابي مفتوحًا للجميع، ولم يعد حكرًا على أحد ومع ذلك، نلاحظ بعض المسؤولين التي أنهيت خدماتهم يبحثون عن ثغرة يرسلون من خلالها رسالة بأنهم المنقذون، متناسين ماضيهم المليء بالإنجازات الوهمية، والأرقام غير الحقيقية، وآخرون لا يملكون أدنى فكرة عن العمل الشبابي، ينشئون مكاتب تحمل أسماؤهم، وكأنهم اكتشفوا هذا القطاع لتوّه، وكان الأجدر بهم أن يعملوا بإخلاص عندما أُتيحت لهم الفرصة، لا أن يصطنعوا واقعًا مزيفًا من الإنجازات، في ظل الظروف الصعبة التي يعانيها الشباب الأردني، فالمرحلة صعبة ليس لأنها كذلك بل لأن العالم ملتهب وهناك الكثير من التحديات الداخلية والخارجية فمستوى الإنجاز مرضي .
في كل مجتمع، هناك فئة لا تتحرك إلا وفق بوصلة واحدة المصلحة لا يعرفون ولاءً لفكرة، ولا يثبتون على موقف، بل تتبدّل مبادئهم كما تتبدّل مواقع الربح والخسارة.
عندما تأتي المنفعة، يكونون أول المصفقين، وأسرع المهللين ويصنعون من الباطل حقًا، يرفعون الشعارات الرنانه، يجمّلون الأقوال، ويتحوّلون فجأة إلى دعاة “المصلحة العامة”. ولكن، ما إن تتقاطع مصالحهم، أو يشعروا بأن رصيدهم بدأ ينفد، حتى يشهروا سيوف النقد، ويدبّجوا الخطابات النارية، ويتحولوا إلى أعداء الأمس واليوم معًا فيا لحالهم.
إنهم لا يعادون الفساد؛ بل يعادون الحرمان منه لا يغضبون لأن هناك خطأً قد حدث، بل لأنهم لم يكونوا جزءًا منه، هؤلاء المنتفعون هم الخطر الأكبر على المجتمعات والمؤسسات؛ لأنهم يبيعون الولاء، ويشترون النفوذ بأبخس الأثمان، وهنا يبرز السؤال الأهم: كيف نكشفهم؟
الجواب بسيط: راقبهم عندما تتعثر المصالح، حين لا يوجد مكسب مباشر، وعندما يُطلب منهم الثبات لا التمايل حينها فقط، يظهر وجههم الحقيقي.
إن بناء الأوطان لا يتم عبر “المطبلين”، بل عبر أصحاب المواقف الثابتة، الذين لا يغيرون مبادئهم بتغيّر المنفعة، فالمصلحة الحقيقية لا تُقاس بما نحصل عليه، بل بما نقدّمه، ولو كان ذلك على حساب أنفسنا.
رسالتي إلى صاحب القلم المتقلب
إلى من كان بالأمس يطبل ويهلّل، وها هو اليوم يرفع راية النقد وكأن ذاكرته قصيرة:
كنا نتابع كتاباتك عندما كنت لا ترى في وزارة الشباب إلا مثالاً للإنجاز، وكنت أول المصفقين لكل خطوة، صغيرها وكبيرها، واليوم، نراك تصوغ الحروف بمرارة، وكأنك لم تكن من بين من صفقوا في الصف الأول.
النقد حق، بل واجب أحيانًا، ولكن أن تأتي من موقع كنت فيه مروجًا ومدافعًا بشراسة، ثم تنقلب دون توضيح أو تفسير، فهنا يكون السؤال:
هل تغيّرت الوزارة؟ أم تغيرت مصالحك؟
الناس تقرأ وتعرف، والتاريخ لا يُنسى، والمواقف تبقى شاهدة أكثر من الكلمات، فارحم قلمك من التلون، وامنحه شرف الثبات والمصداقية، فالثقة تُبنى ولا تُشترى.
مع التحفّظ على ما تكتب، نؤمن أن الوطن وقطاع الشباب أكبر من أن يُختزل في تقلبات المواقف، وأسمى من أن يُوظف لأجندات شخصية.