سراب سبورت
مجلة رياضية

“عاصمة الشباب العربي.. نموذج أردني في تمكين الأجيال الشابة… د. شوقي أبو قوطة

 

تجسّدت عمّان هذا الأسبوع كنبض عربي حيّ ينبثق من عمق رؤية استراتيجية رسمتها الدولة للأجيال الشابة، عبر فعالية “عاصمة الشباب العربي 2025″، حيث جاء هذا الحدث ليكون تعبيرًا متقنًا عن فلسفة وطنية تضع الشباب في مركز صناعة المستقبل، كركيزة أساسية لاستقرار وفاعلية الدولة والمجتمع على حد سواء.

كما أن الاختيار الأردني يمثل ثمرة تراكمية لسياسات طويلة الأمد، تحولت عبر وزارة الشباب إلى نموذج عربي رائد في تمكين الشباب، من خلال إجراءات قابلة للقياس والتنفيذ. فقد بدا الحدث وكأنه خريطة طريق، رسمتها عمان بعناية بين فن التنظيم الدقيق والحضور العربي المكثف، مشيرةً إلى أن هذه التجربة ليست للاستهلاك المحلي فحسب، بل هي رسالة سياسية واستراتيجية ترسلها العاصمة الأردنية إلى العواصم العربية كافة: هكذا يُدار ملف الشباب بحكمة وبُعد نظر.

حضور الوزير يزن الشديفات كان تجسيدًا لرؤية دولة تعي عمق المرحلة، رجل دولة تحدث بثقة، بعيدًا عن الخطابات النمطية، مؤكدًا أن الشباب ليسوا متلقين سلبيين بل شركاء منتجون في مسيرة التنمية الوطنية والعربية، حيث استشهد بجهود ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، التي وضعت ملف الشباب على سلم أولويات السياسة الأردنية والعربية، وتكرّست في قرار مجلس الأمن رقم 2250، الداعي لتعزيز مشاركة الشباب في السلم والأمن.

و شكّل الحدث مساحة حوارية عربية مفتوحة، جمعت شبابًا من فلسطين، العراق، تونس، والصومال، لمناقشة قضايا حيوية كالسلام، التطوع، الاقتصاد الريادي، والخطاب الرقمي، و تجاوزت الجلسات المجاملات، وطرحت الأسئلة الحقيقية عن قدرة الشباب على مواجهة الواقع المعقد، والتعامل مع تحدياته بنضج وواقعية، و تلك اللحظات جعلت من الفعالية مختبرًا سياسيًا وفكريًا عربيًا مصغرًا، يؤسس لحوار شبابي عميق وفاعل.

حضور ممثلي جامعة الدول العربية ووزراء شباب من دول عربية عدة منح الفعالية بعدًا دبلوماسيًا يوضح أن عمان مركز إقليمي يعيد الاعتبار لدور الشباب في المعادلة العربية، متجاوزًا الطابع الوطني إلى بُعد عربي استراتيجي. ومن خلال هذا المشهد، تسعى عمان أن تقول للعالم العربي: “هكذا نبني الشباب، وهكذا نخطط لمستقبل مشرق”.

حيث قدمت عمّان نموذجًا مغايرًا يتميز بالتنظيم المحكم والرسائل السياسية الذكية، واستضافة كبار الضيوف الذين ناقشوا فرص التنمية والشراكة لا أزمات الانقسام ، ولذا لم يكن مستغربًا أن تصف الصحف العربية هذه الفعالية كنموذج يحتذى به، ومحطة تأسيسية لمأسسة الحوار العربي في ملف الشباب، وبوابة لتحديث السياسات الشبابية.

لكن الأهم من كل ذلك هو الرسالة الخفية التي رافقت الحدث: الأردن يمتلك أدوات القوة الناعمة، وشبابه سفراؤه الحقيقيون في محيطه العربي. فهذه الفعالية هي بيان مسؤولية ورسالة أمل: “هكذا نبني المستقبل”، ضمن رؤية عميقة للهوية الوطنية التي تتفاعل مع العالم ولا تنغلق على الذات، وتؤمن بأن النهوض بالشباب هو مشروع عربي جامع.

عمان اليوم تحولت إلى فضاء عربي شبابي ينبض بآمال ملايين الشباب، ليستذكر الجميع أن هذه اللحظة ليست مناسبة تُطوى في الأرشيف، بل بداية مسار جديد خطته الدولة الأردنية بثقة، رهانها على الإنسان لا الموارد، وعند إعلان “عمان عاصمة الشباب العربي 2025″، وتدشين الخطة التنفيذية للاستراتيجية العربية للشباب والسلام والأمن، شعر الجميع بفخر ووعي عميقين، فالأمر يتعدى احتفالًا ليصبح مشروعًا تنمويًا وسلاميًا ينبع من قلب الأردن النابض.

وهو اختيار يحمل دعوة حقيقية لتحويل عمّان إلى مركز إقليمي لصناعة الفرص، وتشجيع الريادة والابتكار، وتعزيز الانتماء الوطني والعربي من خلال برنامج شامل لتمكين الشباب الأردني والعربي بمهارات المستقبل وريادة الأعمال، واستثمار اجتماعي يُولّد فرص عمل حقيقية، ويرسخ قيم السلام والتعاون الإقليمي لضمان استقرار المنطقة ومستقبلها.

لكن لتحقيق هذه الطموحات، لا بد من رؤية وطنية شاملة تقودها وزارة الشباب، تتعاون مع مختلف الوزارات، القطاع الخاص، والمجتمع المدني لتأسيس نهضة شبابية نموذجية تحتذى على المستوى العربي. فالتحديات الاقتصادية والاجتماعية، وعلى رأسها ارتفاع معدل البطالة الذي وصل إلى 21.3% بين الأردنيين، مع نسب أعلى بين الشباب، تؤكد الحاجة الملحة إلى خطط طموحة توفر فرص عمل مستدامة ترتكز على ريادة الأعمال والاستثمار الاجتماعي.

هذه هي الهبة الديمغرافية التي يتمتع بها الأردن، فرصة ذهبية لتحويل طاقات الشباب إلى قوة تنموية اقتصادية واجتماعية، عبر تطوير المهارات وتمكينهم ليكونوا شركاء فاعلين في بناء وطنهم بدلًا من أن يتحولوا إلى عبء، واليوم وزارة الشباب مطالبة بأن تكون ريادية، ابتكارية، وشاملة في برامجها وشراكاتها، تتبنّى مشروعًا وطنيًا ذا هوية أردنية عربية، عنوانه تمكين الشباب بمهارات المستقبل، وتعزيز الابتكار وريادة الأعمال.

و هذا الإطار، لا بد من إنشاء مجلس وطني تنفيذي دائم ينسّق بين وزارة الشباب والمؤسسات الحكومية والقطاع الخاص، لبناء بيئة حاضنة للطاقات الشابة ومسرّعة للمشاريع الريادية، كما تتطلب المرحلة استثمارًا اجتماعيًا فعّالًا عبر شراكات بين رأس المال الخاص والعام ومؤسسات المجتمع المدني، لإنشاء صناديق دعم، حاضنات أعمال، وتسويق للشركات الناشئة، وربطها بالأسواق المحلية والدولية.

على صعيد مهارات المستقبل، تؤكد تقارير المنتدى الاقتصادي العالمي أن 40% من العاملين بحاجة لإعادة تأهيل خلال السنوات القادمة، مع ظهور وظائف جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي، التفكير الإبداعي، الطاقة النظيفة، وريادة الأعمال، ولذلك، من الضروري تحويل مراكز الشباب في المحافظات إلى منصات تعليمية رقمية ومختبرات للابتكار التقني والثقافي، مع بناء منصات وطنية موحدة للتدريب والتوظيف والتمويل والعمل التطوعي، وضمان شفافيتها وعدالتها.

كذلك، لا يمكن إغفال دور ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، الذي أكد في منتدى “تواصل” أن القيمة الحقيقية في الاقتصادات المتقدمة تقاس بما تنتجه العقول لا فقط المصانع، وأن تمكين الإنسان من تحسين حياته يخلق مجتمعًا قويًا ومتماسكًا. وهذا هو جوهر الرؤية التي ترتكز على توفير فرص دخل حقيقية، تدريب ميداني، وتمويل عادل يفتح آفاقًا نحو العالمية .

فلنبدأ من هنا، من عمّان التي ترفع شعار الثقة بالشباب، وإعطائهم الفرصة والمسؤولية، فالشباب قادرون، والأردن ونجمته السباعية في العلم يستحقان دائمًا الأفضل.. في عمّان ، يتحقق الحلم: بأن يكون الشباب لبنة صلبة في بناء أمة لا تهتز، وأرض لا تنكسر، ومجتمع لا يملّ من النهوض.

هذا هو الأردن الذي نريد، وهذا هو الشباب الذي يستحقونه.

اقرأ ايضاً
أخبار عاجلة
بانوراما نشاطية مبهرة في مراكز شباب إربد: إبداع، تقنية، تطوع وتمكين في يوم واحد! زين ترعى سباق الحسين لتسلّق مرتفع الرمان 2025 نائب الملك يحضر فعالية "اليوم الأولمبي" في جرش جدل حول تنظيم بطولة آسيا للمبارزة: تغيير مفاجئ في موقع الاستضافة يثير تساؤلات "الجواد العربي يعتلي القمة في افتتاح دوري القفز عن الحواجز 2025.. والصهيل يترك بصمته تنظيماً وتتويجا... دانية السعود تحصد المركز الأول بتخصص السمع والنطق التطبيقي في جامعة الزرقاء رياضة وتطوع وتحدي.. شباب الوسطية يشعلون حماس معسكر النشاط البدني شباب صخرة يلتقون بقيادات المجتمع: عقول واعدة تصنع التغيير أصالة ومرح في ساحة اللعب: شابات عجلون يحيين تراث الألعاب الشعبية" "عاصمة الشباب العربي.. نموذج أردني في تمكين الأجيال الشابة... د. شوقي أبو قوطة "إلى متى التهميش؟"… لاعب بارالمبي من إربد يُقصى رغم تصنيفه الدولي الأول هشام النجار يفوز بسباق الحسين لتسلق مرتفع الرمان والدفع الرباعي ويزن جمعة وسيف منصور بطلا الدفع الأم... الكاتب أجمل الطويقات...الطريقُ إلى المدرسةِ... يمرُّ من قلبِ الدولةِ ‏منتخبنا الوطني للناشئين يُعسكر في مصر ويخوض 4 مباريات ودية تأهبا لبطولة غرب آسيا شابات عجلون يناقشن القرار 1325: نحو مشاركة فاعلة للمرأة والشباب في قضايا الأمن والسلام تمكين المرأة في رياضة السيارات: نور بن ضياء منسقة تونسية بلجنة المرأة بالاتحاد الدولي المال الرياضي .. تخم شخصي وزيف اصلاحي ! ...كتب حسين الذكر “لا تكن ضحية أو مجرمًا إلكترونيًا”... شباب سهل حوران يتعرفون على قانون الجرائم الإلكترونية «شهادة المستشار... أقوى من شهادات الاتحاد الدولي!» تعزيز قيم العدالة والمساواة في دورة "سيادة القانون" بمركز شباب صخرة جلسة تعريفية بجائزة الحسين للعمل التطوعي في عجلون لتعزيز ثقافة العطاء والمبادرة شباب عنجرة يواجهون آفة التدخين والمخدرات بورشة توعوية «ضادُنا فخرُنا» تواصل نجاحها في عجلون: مركز شباب عبين يوزّع كتبًا مجانية لتعزيز حبّ اللغة العربية «صيف الأردن» يواصل تألقه في الزرقاء بانطلاق أسبوعه الثاني بفعاليات ترفيهية متنوعة شباب وشابات الزرقاء يتحدون لياقتهم ويعززون قيم العطاء في معسكر النشاط الرياضي والبدني فخرٌ وامتنانْ وَ شاهدُ عيانْ وزارة الشباب الأردنية ... كتب عمر العزام مسلسل الانفلات يتواصل في اتحاد كرة الطاولة الأردني… والأمين العام في قفص الاتهام! الشوابكة يكرّم إحدى نشميات الأمن العام تقديرًا لجهودها الإنسانية في خدمة طالبات الثانوية العامة برؤية ولي العهد وبدعوة من رياض أبو ديه: الكاراتيه الأردنية منصة لصناعة الأبطال وتعزيز الشراكات شباب العقبة ينتفضون ضد «ممثلهم المجهول» ويستغيثون بجلالة الملك: نريد تمثيلًا حقيقيًا لا مجاملات!