كافة الحقوق محفوظة © 2021.
المال العام في قبضة الصمت: أين الرقابة على المؤسسات الرياضية؟
سراب سبورت _ريما العبادي
رغم أن فلسفة إنشاء المؤسسات الرياضية تقوم على خدمة المجتمع وتطوير الرياضة الوطنية، إلا أن الواقع يكشف عن فجوة كبيرة بين المبادئ والممارسات. ما يحدث في بعض هذه المؤسسات اليوم يثير أكثر من علامة استفهام، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بالمال العام الذي يُفترض أن يكون أمانة في أيدي القائمين على هذه الكيانات.
ملايين بلا شفافية
وفقًا لما تسرّب من معلومات، فإن إحدى المؤسسات الرياضية تحقق دخلاً سنويًا يتجاوز المليون دينار، من عقود التأجير، والدعم الحكومي من وزارة الشباب والمالية، إضافة إلى رعاية الشركات. هذا الرقم الكبير قد يبدو مؤشرًا إيجابيًا للوهلة الأولى، لكنه يتحول إلى نقطة خلاف حين نعلم أن مصروفات الرواتب لا تتجاوز 100 ألف دينار سنويًا، ما يثير التساؤلات حول مصير الفائض المالي، وكيفية توظيفه في خدمة أهداف المؤسسة.
احتكار للمعلومة وتضارب مصالح
الأمر الأكثر خطورة هو حجب المعلومات المالية عن أعضاء مجلس الإدارة، بحيث لا يملك الاطلاع عليها سوى الرئيس وأمين الصندوق، مع العلم أن كليهما ينتميان إلى نفس المؤسسة. هذه التركيبة تفتح الباب واسعًا أمام تضارب المصالح، بل وتضرب مبدأ الحوكمة في الصميم. في المؤسسات السليمة، تعد الشفافية حقًا أصيلاً لكل عضو في مجلس الإدارة، لأنهم مسؤولون بالتضامن عن المال العام أمام الجهات الرقابية والجمهور.
بيئة إدارية خنّاقة
عندما يصبح طرح الأسئلة المالية جريمة، وعندما يُدفع الأعضاء الذين يحاولون الاستفسار إلى التهميش والإقصاء، فهذا يعني أن المؤسسة تسير في طريق مسدود، وقد تتحول إلى بيئة طاردة للكفاءات. الخوف من المساءلة يخلق مناخًا يتيح للممارسات غير السليمة أن تنمو وتترسخ، ليصبح الإصلاح مهمة شبه مستحيلة.
أين الجهات الرقابية؟
السؤال الأهم: من يحاسب؟
لدينا وزارة الشباب كجهة إشرافية، ولدينا ديوان المحاسبة الذي يراقب المال العام، وهناك هيئة النزاهة ومكافحة الفساد. هذه الأجهزة ليست رفاهية، بل هي خط الدفاع الأخير لحماية أموال الدولة. فهل تتحرك قبل أن تتفاقم التجاوزات؟ أم ننتظر حتى تصبح الملفات ثقيلة وتتطلب تدخلاً متأخرًا؟
المال العام أمانة.. لا ملكية خاصة
المنشآت التي تُبنى بأموال الدولة ليست ملكًا للرؤساء أو الأعضاء، بل هي ملك للمجتمع. كل دينار يُهدر أو يُدار في الظل يعني أن مواطنًا فقد فرصة، أو رياضيًا خسر حقه في بيئة أفضل. لذلك، فإن تعزيز الحوكمة الرشيدة، والإفصاح المالي، والرقابة الدورية يجب أن يكون أولوية لا تقبل التأجيل.