كافة الحقوق محفوظة © 2021.
اسماعيل توفيق…التدريب فن… وليس مجرد راتب آخر الشهر
سراب سبورت _
في بطولة غرب آسيا الأولى، قدّمت مواجهة الكويت والسعودية واحدة من أروع المباريات التي يمكن اعتبارها درسًا عمليًا في فنون القيادة داخل الملعب. المباراة لم تكن عادية، بل امتدت إلى الشوط الخامس الحاسم، الذي كشف بوضوح الفارق بين مدربٍ يدير بعقلية القائد، وآخر يكتفي بالاعتماد على إمكانيات لاعبيه.
الشوط الخامس تحديدًا كان بمثابة مسرح لعرض تفاصيل دقيقة من التكتيك والذكاء، حيث برزت القرارات الحاسمة للمدربين في توقيت طلب الأوقات المستقطعة، وتغيير مراكز اللاعبين، والأهم إدخال عنصر جديد في اللحظة التي تحتاج إلى الجرأة. مدرب السعودية مثّل هذه الجرأة عندما قرر الزج بلاعب من مواليد 2007 عند النتيجة الحرجة (11-13)، خطوة جريئة كان يمكن أن تغيّر مسار اللقاء بالكامل. هذا القرار أعاد الثقة وروح التحدي للفريق، ليعود ويتعادل، ثم يتقدم حتى وصل إلى 14-13، قبل أن يحسم الفيديو المساعد (الفار) النتيجة لصالح الكويت 15-13.
ما حدث في تلك اللحظات لا يختزل فقط في نتيجة، بل في فلسفة تدريبية متكاملة:
التوقيت الذهبي للأوقات المستقطعة: المدرب الذي يعرف متى يوقف النزيف ويعيد ترتيب الأوراق يثبت أنه يقرأ المباراة لا يشاهدها فقط.
التغييرات النوعية: إدخال لاعب شاب في لحظة حرجة ليس مغامرة، بل ثقة ورؤية للمستقبل.
صناعة روح الفريق: العودة من التأخر إلى التقدم في لحظات حرجة ليست صدفة، بل نتاج عمل نفسي وتكتيكي طويل.
في المقابل، مدرب الكويت لم يكن أقل دهاءً، فقد تعامل بذكاء مع ضغط النقاط الحاسمة، ونجح في استثمار أخطاء الخصم في الأمتار الأخيرة من الشوط، ليخرج منتصرًا بالمباراة التي ستُخلّد كأحد أجمل فصول البطولة.
الدرس الأهم هنا أن التدريب ليس وظيفة راتب آخر الشهر، بل فن يحتاج إلى علم، وجرأة، وقدرة على اتخاذ القرار في أصعب اللحظات. هذه التفاصيل الصغيرة هي التي تصنع الفارق بين مدربٍ عادي ومدربٍ يُكتب اسمه في ذاكرة البطولات.