كافة الحقوق محفوظة © 2021.
عامان من التحول والإنجاز: كيف صنعت كلية علوم الرياضة بالجامعة الأردنية قصة صعود عالمية (آب 2023 – آب 2025)
سراب سبورت _
منذ آب 2023، دخلت كلية علوم الرياضة في الجامعة الأردنية مرحلة استثنائية من مسيرتها الأكاديمية يمكن وصفها بمرحلة التحول النوعي والنهضة المتكاملة. لم تعد الكلية مجرد مؤسسة جامعية تخرّج معلمين ومدربين، بل أصبحت مركزًا للتميز الأكاديمي والبحثي، ومنصة لتأهيل الطلبة وربطهم بسوق العمل، وبيت خبرة يفتح أبوابه للتعاون الدولي، ويعيد رسم معالم الريادة في علوم الرياضة على مستوى الأردن والمنطقة والعالم.
قفزة غير مسبوقة في التصنيفات الدولية
حققت الكلية خلال العامين الماضيين قفزة نوعية غير مسبوقة في التصنيف العالمي QS، حيث ارتقت من المرتبة 335 إلى المرتبة 230 عالميًا، أي بفارق 105 مراتب دفعة واحدة. هذا الإنجاز الكبير يعكس جودة البرامج الأكاديمية وتطور البحث العلمي والتدريس، كما يعكس السمعة الأكاديمية التي أخذت بالاتساع إقليميًا ودوليًا، إذ أصبحت الكلية وجهة للطلبة والباحثين من الأردن وخارجه. ولا يتوقف طموح الكلية عند هذا الحد، بل تعمل بجد للوصول إلى المركز 150 عالميًا مع نهاية عام 2025، وهو هدف يعكس الثقة بالقدرات البشرية والأكاديمية فيها. يقول الأستاذ الدكتور حسن السعود، عميد الكلية: “هذا التقدم في التصنيفات يعكس صورة الكلية كبيت خبرة ريادي، ويمثل اعترافًا دوليًا بجودة العمل الأكاديمي والبحثي الذي نقدمه.”
استحداث برامج ومسارات جديدة: التعليم الذي يصنع المستقبل
لم تكتفِ كلية علوم الرياضة بالحفاظ على برامجها التقليدية، بل أقدمت منذ العام الجامعي 2023/2024 على خطوات جريئة لاستحداث برامج دراسات عليا نوعية تُعيد رسم خارطة التعليم الرياضي في الأردن والمنطقة. وقد تُوِّج هذا الجهد ببدء التدريس الفعلي في العام الجامعي 2024/2025 لبرنامج الماجستير في علوم الحركة والتدريب الرياضي، وبرنامج الدبلوم العالي في تغذية الرياضيين بالشراكة مع كلية الزراعة، وهما برنامجان جاءا استجابة لاحتياجات ميدانية ملحّة، وأكدا قدرة الكلية على المزج بين المعرفة الأكاديمية والتطبيق العملي.
وفي موازاة ذلك، كانت الكلية قد وضعت منذ عام 2023/2024 اللبنات الأولى لبرنامج الدبلوم العالي في اللياقة البدنية والإعداد البدني، وهو برنامج يُنتظر إطلاقه فعليًا مع بداية العام الجامعي 2025/2026 ليكون إضافة نوعية تستجيب لمتطلبات سوق العمل الرياضي المتنامي.
أما على صعيد الدكتوراه، فقد نجحت الكلية في الحصول على اعتماد مجالس الجامعة لاستحداث أربعة مسارات متقدمة هي: الإدارة الرياضية، التدريب الرياضي، الإشراف والتدريس، وعلم النفس الرياضي التطبيقي، وهي الآن في مرحلة انتظار اعتماد الهيئة المختصة لتصبح جاهزة للإطلاق. هذه المسارات تمثل طموحًا استراتيجيًا بأن تبدأ مع العام الجامعي 2025/2026، لتفتح أمام الباحثين آفاقًا غير مسبوقة، وتؤهل قيادات أكاديمية ورياضية قادرة على إحداث نقلة نوعية في مجالاتها.
وفي سياق متصل، أنجزت الكلية ملفات تسكين مؤهلاتها الأكاديمية ضمن الإطار الوطني لتسكين المؤهلات، وهو إنجاز يعكس التزامها بتوحيد معايير الجودة وربط برامجها الأكاديمية بالمعايير الوطنية والدولية المعتمدة، ويعزز قدرتها على المنافسة عالميًا.
الاستعداد الوظيفي: مساق ريادي وتجربة رائدة في التعليم الجامعي الأردني
من أبرز إنجازات الكلية إدخال مساق الاستعداد الوظيفي كأحد المتطلبات الأساسية للطلبة، ليكون الأول من نوعه على مستوى الجامعة الأردنية والجامعات الأردنية عامة. هذا المساق لم يكن مجرد إضافة أكاديمية، بل ثورة في فلسفة التعليم الجامعي، إذ نقل الجامعة من مجرد ناقل للمعرفة إلى بيئة تبني المستقبل المهني للطلبة. ومن خلاله، أصبح الطلبة أكثر وعيًا بقدراتهم وخياراتهم المهنية، وأكثر استعدادًا لدخول سوق العمل بثقة وكفاءة. وقد دعمت الكلية هذا المساق بإطلاق برنامج التدريب الوظيفي، الذي يمنح الطلبة تجربة عملية داخل المؤسسات الرياضية والمراكز المتخصصة. وقد أثبت هذا التكامل بين المساق والبرنامج نجاحًا لافتًا، حيث تمكن العديد من الطلبة من الحصول على فرص عمل مباشرة بعد التخرج، فيما تلقى بعضهم عروضًا وظيفية خلال فترة التدريب نفسها. إن الاستعداد الوظيفي بمساقه وبرنامجه أصبح قصة نجاح محورية تعكس فلسفة الكلية في ربط التعليم بسوق العمل، كما ساهم في رفع سمعتها الأكاديمية باعتبارها رائدة في هذا المجال على مستوى الأردن والمنطقة. ويقول أحد الطلبة المشاركين: “لقد كانت تجربة التدريب الوظيفي نقطة تحول في مساري، فقد فتحت لي الأبواب نحو فرص عمل مباشرة قبل حتى أن أتخرج.”
البحث العلمي والمؤتمرات الدولية: إشعاع عالمي
وضعت الكلية البحث العلمي في قلب استراتيجيتها خلال العامين الماضيين، فشهدت زيادة واضحة في الإنتاجية البحثية وانخراط أعضاء هيئة التدريس في مجموعات بحثية دولية معتمدة من الجامعة. هذا الانخراط عزز مكانة الكلية عالميًا وربطها بشبكات بحثية واسعة. أما على صعيد المؤتمرات، فقد نظمت الكلية المؤتمر العلمي الدولي الثالث في البحر الميت عام 2024، وكان علامة فارقة في مسيرتها، إذ جمع نخبة من الأكاديميين والخبراء من مختلف دول العالم بالتعاون مع اللجنة الأولمبية الأردنية كشريك محلي استراتيجي مرموق. وقد ناقش المؤتمر أحدث القضايا المتعلقة بالرياضة الصحية والتنافسية، وفتح الباب لتعاون أكاديمي أوسع. وفي عام 2025، جاءت الأيام العلمية الدولية لتؤكد مكانة الكلية العلمية عالميًا، حيث شارك فيها خبراء دوليون بارزون، إلى جانب الأساتذة الفخريين الذين قدموا محاضرات متخصصة ورؤى متقدمة أثرت النقاشات العلمية وأسهمت في إثراء التجربة الأكاديمية للطلبة. هذه المؤتمرات والأيام العلمية لم تكن مجرد فعاليات سنوية، بل منصات إستراتيجية لصناعة السمعة الدولية وتعزيز حضور الكلية على الخارطة الأكاديمية العالمية. وقد وقفت خلف هذه الإنجازات جهود فريق عمل الكلية بتخطيط دقيق وتنفيذ متميز، وبدعم مباشر من رئيس الجامعة وشركاء محليين ودوليين.
الأساتذة الفخريون: جسور نحو العالمية
إدراكًا لأهمية الاستفادة من الخبرات الدولية، استقطبت الكلية خلال العامين الماضيين تسعة أساتذة فخريين من جامعات مرموقة حول العالم. هؤلاء الأساتذة لم يكونوا مجرد أسماء شرفية، بل أصبحوا شركاء فاعلين في العملية الأكاديمية، فقدّموا محاضرات متخصصة، وأشرفوا على مشاريع بحثية، وشاركوا في ورش عمل تدريبية، وكان لهم حضور بارز في المؤتمرات العلمية والأيام العلمية الدولية. وقد كان ملتقى الأساتذة الفخريين ضمن فعاليات الجامعة الأردنية لعام 2025 حدثًا مميزًا جمع الطلبة وأعضاء هيئة التدريس مع هذه النخبة الدولية، وأتاح فرصة للحوار وتبادل الخبرات والرؤى. إن وجود الأساتذة الفخريين في الكلية يمثل قيمة مضافة حقيقية، إذ ساهموا في تعزيز السمعة الدولية للكلية وربطها بالشبكات البحثية العالمية. ويقول أحد الأساتذة الفخريين: “إن تجربتي مع كلية علوم الرياضة في الجامعة الأردنية جعلتني أرى كيف يمكن لمؤسسة جامعية في المنطقة أن تقدم نموذجًا عالميًا في التعليم والبحث العلمي.” وقد لعب ضابط الارتباط وفريق العمل دورًا رئيسيًا في تنسيق مشاركتهم وضمان استمرارية عطائهم.
نحو الاعتماد الدولي
تسير الكلية بخطى واثقة نحو الحصول على اعتماد دولي مرموق يُعد من أعلى معايير التميز الأكاديمي في مجال علوم الرياضة. وقد عملت الكلية على مواءمة برامجها ومخرجاتها مع المتطلبات العالمية، وأعدت ملفات شاملة تغطي الجوانب الأكاديمية والإدارية كافة. ويُسجل لجهود ضابط الارتباط وفريق العمل في الكلية دورهم الحيوي في متابعة هذا الملف بدقة، بالتنسيق مع إدارة الجامعة، لضمان استيفاء كل الشروط والمعايير. إن الوصول إلى هذا الاعتماد سيشكل نقلة نوعية في تاريخ الكلية، إذ سيمنحها اعترافًا دوليًا واسعًا ويزيد من تنافسية خريجيها في سوق العمل العالمي.
تعزيز ممارسات الجودة والتطوير
على صعيد الجودة والتطوير، عملت الكلية خلال العامين الماضيين على تحديث خطتها الاستراتيجية والتنفيذية بما يتماشى مع توجهات الجامعة الأردنية وأفضل الممارسات العالمية. وقد انعكس ذلك في تحسين إجراءات التدقيق الداخلي وضبط الأداء الأكاديمي والإداري، مما عزز من الشفافية والكفاءة داخل منظومة العمل. كما طورت الكلية أنظمة المتابعة والتقييم بشكل يضمن استمرارية التحسين والتطوير المستمر، لتبقى برامجها وأنشطتها في حالة مواكبة دائمة للمعايير الوطنية والدولية. إن هذا التركيز على الجودة لم يكن مجرد استجابة إدارية، بل أصبح ثقافة مؤسسية مترسخة بين جميع العاملين في الكلية، وهو ما أرسى قاعدة صلبة تدعم مسيرتها نحو الريادة العالمية.
المشاركة في اللجان المؤسسية ودور الكلية في التميز الجامعي
إلى جانب إنجازاتها الأكاديمية والبحثية، كان للكلية حضور فاعل في اللجان المؤسسية الكبرى على مستوى الجامعة. فقد ساهمت إدارة الكلية بفعالية في اللجان التي شُكلت لمناقشة دور قيادة الجامعة أثناء عملية تقييم جائزة الملك عبدالله الثاني للتميز، والتي تُوّجت الجامعة الأردنية من خلالها بالمركز الأول بين الجامعات الرسمية عام 2024. هذا الدور يعكس التزام الكلية بروح العمل المؤسسي، ويؤكد إسهامها كشريك رئيسي في تعزيز مكانة الجامعة على المستوى الوطني، ليس فقط كصرح أكاديمي، بل كمؤسسة قيادية في منظومة التميز والابتكار.
استقطاب الكفاءات وتعزيز الطاقم الأكاديمي
خلال العامين الماضيين، أولت الكلية اهتمامًا خاصًا بتعزيز هيئتها التدريسية والإدارية من خلال تعيين واستقطاب عدد من الكفاءات الشابة المميزة، التي أثبتت حضورًا قويًا في مجالاتها الأكاديمية والبحثية. هذه الطاقات الجديدة جاءت لتضيف بُعدًا حديثًا لبرامج الكلية، وتدعم مسيرتها في تطوير التعليم وربط البحث العلمي بالواقع التطبيقي. وفي الوقت نفسه، واصلت الكلية العمل على إجراءات الإعلان والتعيين لاستقطاب المزيد من الكفاءات في تخصصات متنوعة، بما يضمن رفد الكلية بخبرات جديدة ومتعددة تسهم في استدامة مسيرة التطوير وتوسيع دائرة التميز.
التميز الطلابي والتكريم: الطلبة سفراء الجامعة
إن الطلبة هم محور نجاح الكلية وثمار إنجازاتها. خلال العامين الماضيين، واصل طلبة كلية علوم الرياضة تميزهم في محافل محلية ودولية عديدة، ورفعوا اسم الجامعة الأردنية عاليًا. وقد حرصت الكلية على تكريمهم في احتفالات رسمية، اعترافًا بإنجازاتهم وتحفيزًا لهم على مزيد من العطاء. وقد وثقت الجامعة عبر موقعها الرسمي العديد من هذه النجاحات، التي شملت بطولات رياضية وإنجازات أكاديمية، مما يعكس الدعم الكبير الذي توليه الكلية لطلبتها ليكونوا سفراء للجامعة والأردن في مختلف الميادين.
تحديث البنية التحتية والمرافق التعليمية
لم تقتصر إنجازات الكلية على البرامج الأكاديمية والبحثية فحسب، بل امتدت إلى تحديث البنية التحتية والمرافق التعليمية بما يعكس رؤية عصرية للتعليم الجامعي. فقد انخرطت الكلية بفاعلية في مشروع الجامعة الأردنية لتحديث القاعات التدريسية، حيث جرى حتى الآن تحديث ثلاث قاعات دراسية مجهزة بأحدث الوسائل التقنية، إضافة إلى تحديث مختبر الحاسوب بما يتناسب مع متطلبات التعليم الحديث. كما تم تنفيذ مشروع الطاقة الشمسية في الكلية، في خطوة تعزز الاستدامة وتقلل من الكلفة التشغيلية، وتنسجم مع توجهات الجامعة في التحول نحو الطاقة النظيفة.
وفي جانب آخر، وضعت الكلية سياسات واضحة واتخذت إجراءات عملية لاستكمال تحديث المسرح الرئيسي بما يواكب احتياجات الأنشطة الأكاديمية والثقافية، كما تم تنفيذ صيانة شاملة للمسبح بما يضمن استدامة استخدامه في التدريس والتدريب. ولا تزال الجهود متواصلة لمعالجة ملفات الصيانة العالقة للملاعب والمضمار، بما يعزز من جاهزية البنية التحتية ويخدم الطلبة والباحثين والمدربين على حد سواء.
عامان من التحول وصناعة المستقبل
ما بين آب 2023 وآب 2025، كتبت كلية علوم الرياضة بالجامعة الأردنية قصة صعود لافتة. فقد جمعت بين التقدم في التصنيفات الدولية، واستحداث برامج ومسارات جديدة، وإطلاق مساق الاستعداد الوظيفي وبرنامج التدريب الوظيفي، وتنظيم مؤتمرات دولية بالشراكة مع اللجنة الأولمبية الأردنية، واستقطاب تسعة أساتذة فخريين عالميين، والسير بخطى ثابتة نحو الاعتماد الدولي، وصولًا إلى إنجازات طلبتها وتكريمهم. إنها ليست مجرد حصيلة عامين، بل بداية لمرحلة جديدة من الريادة، تؤكد أن الكلية تسير بخطى واثقة نحو العالمية، لتكون بيت خبرة أكاديمي ورياضي يخدم الجامعة الأردنية والأردن والعالم.