كافة الحقوق محفوظة © 2021.
إبراهيم صبرة.. من موهبة ناشئة إلى نجم يطرق أبواب العالمية
كتب … أ.د. زياد محمد ارميلي أستاذ جامعيكلية علوم الرياضة/الجامعة الأردنية
سراب سبورت _
منذ أن كان في العاشرة من عمره لفت انتباهي اللاعب الأردني الشاب إبراهيم صبرة، فقد تابعته عن قرب ورأيت فيه ملامح الموهبة المبكرة التي تؤهله لبلوغ مستويات عليا في كرة القدم. كنت دائمًا على يقين أن هذا الفتى سيشق طريقه نحو الاحتراف الأوروبي، وقد عززت قناعتي العلاقة الوثيقة التي جمعتني به وبوالده، والتي مكنتني من متابعة مسيرته لحظة بلحظة. واليوم، وهو في التاسعة عشرة من عمره، يبرهن صبرة على صحة تلك النبوءة بعدما خطف الأضواء في الدوري التركي الممتاز وسجل هدفًا عالمياً في شباك بيشكتاش، هدفاً وصفه كثيرون بأنه من الأجمل هذا الموسم وربما من بين الأهداف المرشحة لجائزة بوشكاش العالمية.
لكن الطريق إلى القمة لا يُرسم بموهبة استثنائية فحسب، بل يحتاج إلى منظومة متكاملة من الانضباط والعمل الجاد. على صبرة أن يدرك أن العالمية تبدأ من التفاصيل الصغيرة: الالتزام بنوم منتظم، والانضباط في التدريبات، والابتعاد عن كل ما يمكن أن يؤثر على جسده وعقله. التغذية المتوازنة والاستشفاء البدني هما مفتاح الاستمرارية، فالجسد هو رأس مال اللاعب. كما أن التطوير الفني لا يتوقف عند تسجيل هدف رائع، بل في التدريب المستمر على اللمسة الأولى، المراوغة، التمرير تحت الضغط، واللمسة الأخيرة أمام المرمى، إلى جانب الاستفادة من متابعة تحركات كبار المهاجمين العالميين.
أما الجانب الذهني، فهو لا يقل أهمية عن الجانب البدني. فالثقة بالنفس، والقدرة على التعامل مع الضغوط وتجاوز النقد السلبي، هي ما يصنع الفرق بين لاعب عابر ونجم عالمي. كذلك، تبقى الاحترافية في التعامل مع المدربين والزملاء والإعلام والجماهير عنصرًا حاسمًا، فالصورة الإيجابية خارج الملعب لا تقل أثرًا عن الأداء داخله.
ومن أبرز ما يحتاجه صبرة في هذه المرحلة المبكرة من مسيرته هو الوعي في اختيار مساره؛ إذ يجب أن تكون الانتقالات مدروسة بعناية، تهدف إلى التطور الفني واللعب بانتظام، لا مجرد البحث عن العوائد المالية. فالخبرة تُبنى بالاستمرارية في اللعب، وليس بالجلوس على مقاعد البدلاء مهما كان اسم النادي.
ويبقى التحدي الأكبر أمام أي لاعب شاب هو التعامل مع الشهرة. فالتألق المبكر يجلب الأضواء، لكنه أيضًا اختبار حقيقي للنضج. الشهرة يمكن أن تكون جسرًا إلى القمة إذا تعامل معها بتواضع ووعي، لكنها قد تتحول إلى عبء إن تحولت إلى غاية بحد ذاتها. وما أعرفه عن إبراهيم ووالده يمنحني الثقة بأنه يدرك تمامًا هذه المعادلة، وأنه يرى في كل إشادة دافعًا لمزيد من العمل لا وسادة للراحة.
إن العالمية ليست لقطة عابرة ولا هدفاً مذهلًا في مباراة واحدة، بل هي رحلة طويلة من الانضباط والتطوير المستمر والعمل اليومي. وإبراهيم صبرة اليوم يقف على أعتاب هذه الرحلة الكبرى، ومع ما يمتلكه من موهبة ودعم ووعي، أراه قادرًا على أن يكون نموذجًا أردنيًا وعربيًا مشرفًا في الملاعب الأوروبية.