كافة الحقوق محفوظة © 2021.
الشهيد صالح الجعفراوي… رياضيّ جمع بين الموهبة والخلق
سراب سبورت _ د. أسامة الأسمر
في عالم الرياضة، لا يُقاس التفوق بعدد الألقاب أو الميداليات، بل بما يتركه الرياضي من أثرٍ طيب وسيرةٍ عطرة بين زملائه ومدربيه وجمهوره. ومن بين أولئك الذين نقشوا أسماءهم في ذاكرة رياضة كرة الطاولة، يبرز اسم اللاعب الشهيد صالح الجعفراوي، الذي جسّد بأخلاقه العالية وذكائه الميداني المعنى الحقيقي للرياضي القدوة.
تميّز الجعفراوي بسلوكٍ رياضي رفيع جعله مثالاً يُحتذى داخل الملعب وخارجه؛ كان الأدب عنوانه، والاحترام نهجه، والهدوء رفيقه في كل مباراة. لم يكن يرفع صوته في وجه خصمٍ أو حكم، بل كان يؤمن أن الفوز الحقيقي هو في كسب الأخلاق قبل النقاط.
عرفه الجميع بعقله المتزن وذكائه التكتيكي الذي مكّنه من قراءة الخصم وتحليل حركته بدقة، فكان يلعب بعين المفكر وقلب المحارب. أما حسّه المرهف فقد أضفى على أدائه لمسة فنية ناعمة، جعلت من كل تبادلٍ للكرة لوحةً من التركيز والجمال الرياضي.
لم يكن الجعفراوي يرى في كرة الطاولة مجرد منافسة، بل رسالة سامية تحمل قيم الانضباط والاحترام والروح الرياضية. جمع بين الموهبة والخلق، فجمع معه القلوب قبل الألقاب، وصنع لنفسه مكانةً لا تُنسى في وجدان من عرفوه.
وبرغم رحيله، ستبقى ذكراه حاضرة في كل من شهد لحظاته على طاولة اللعب، وفي كل من تعلّم منه أن البطولة ليست فقط في رفع الكؤوس، بل في أن تظل إنسانًا نبيلاً مهما اشتدت المنافسة.
ويقول د. أسامة الأسمر: «برأيي، لم تخدم الظروف الشهيد صالح لتطوير نفسه فنيًا بحكم وجوده في غزة، حيث حُرم من المشاركة في العديد من البطولات العربية والآسيوية بسبب الحصار وعدم منح الموافقات الأمنية، رغم وجود اسمه الدائم في كشوفات المنتخبات الفلسطينية».
ويضيف: «حين زرت غزة عام 2002 للإشراف على إحدى الدورات في كرة الطاولة بعد اتفاق السلام المزعوم، كان المرحوم صالح يلعب ضمن فئة البراعم بشغف وهمة عالية وطموح كبير. رحم الله الإنسان الشهيد، وجميع الشهداء في غزة، فقد فقدنا العديد من الأصدقاء الرياضيين هناك، ومنهم رئيس الاتحاد الفلسطيني محمد الدلو مع بداية الحرب».
رحم الله الشهيد صالح الجعفراوي… فقد كان لاعبًا خلوقًا، ورياضياً فذًّا، ومدرسةً في الأدب والهدوء والذكاء المرهف.