كافة الحقوق محفوظة © 2021.
حين تهتز الأخلاق… تسقط الرياضة… محمد أبو عليا
“إنما الأمم الأخلاق ما بقيت، فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا…”
حين تفقد الرياضة معناها السامي، وتتحول المدرجات من منابر للتشجيع النظيف إلى ساحات للسبّ والشتم، فاعلم أن الخلل لم يعد في النتيجة ولا في قرارات الحكم، بل في النفوس التي نسيت أن الأخلاق هي أول انتصار.
ما جرى في مباراة الفيصلي والوحدات مؤسف بكل المقاييس، لا رياضيًا فقط، بل إنسانيًا وأخلاقيًا.
فعندما تصل الأمور إلى قذف المحصنات وشتائم لا تليق بإنسان، بل لا تُقال حتى في الشوارع، وعندما يُذكر اسم الذات الإلهية بألفاظ قذرة خارجة عن الدين والعقل والكرامة، نكون أمام كارثة أخلاقية لا علاقة لها لا بالرياضة ولا بالانتماء ولا بالحماس.
أي فخر يمكن أن يشعر به من يطلق هذه الكلمات، لو كانت أمه أو أخته أو زوجته تجلس في الصالة وتسمع تلك العبارات؟
أي مشهد يمكن أن يبرر أن يسمع طفل صغير كلمات كهذه في مكان يُفترض أنه للتسلية والفرح؟
وهل يفكر أولئك الذين يتباهون بالصراخ والإساءة كيف سيبدو المشهد لو وُقِف أحدهم في مركز أمني بتهمة “الاعتداء اللفظي”؟
هل سيفخر به والده؟ أم سيشعر أنه فشل في تربيته؟
ما سمعته شخصيًا من خلال البث التلفزيوني كان صادمًا.
كنت على بعد أميال ومحيطات، وشعرت بالاشمئزاز من بعض ما قرأته في التعليقات أثناء البث.
فكيف بمن كانت في الصالة؟ كيف بالأم التي جاءت لتشجع؟ أو بالطفلة التي حضرت لتفرح بفريقها؟
هل هذه هي الصورة التي نريد أن نقدمها عن جمهورنا الأردني في الداخل والخارج؟
يا جمهور الفيصلي والوحدات، أنتم أكبر من هذا المشهد.
أنتم جمهور عريق، أنتم من يصنع الجمال في المدرجات عندما ترتفع الهتافات النظيفة والأهازيج الوطنية التي نفتخر بها جميعًا.
أما من يختبئ خلف القمصان والشعارات ليقذف ويشتم ويهين، فهو لا يمثل إلا نفسه.
الأندية تبقى، والبطولات تتكرر، لكن السمعة إذا ذهبت… لن تعود.
رسالة إلى اتحاد كرة السلة الأردني وقوات أمن الملاعب:
إذا لم يكن بالإمكان ضبط الجمهور وتوعيته داخل الصالات الرياضية، فالأَولى أن تُقام المباريات دون جمهور، حفاظًا على القيم قبل النتائج.
فعودة الجمهور لا تُقاس بعدد المقاعد الممتلئة، بل بنظافة الهتاف ورُقيّ التشجيع.
أما إذا أردتم أن يبقى الجمهور في المدرجات، فلتكن البداية من تطبيق النظام بحزم وصرامة:
انتشار قوات أمن الملاعب في كل زاوية من الصالة.
سحب أي شخص — مهما كان اسمه أو انتماؤه — يتلفظ بعبارات تمس الدين أو العرض أو الأخلاق.
تحويله فورًا إلى المركز الأمني ومنعه من دخول الصالات مستقبلًا.
إعداد مراقب المباراة لتقرير مفصل يرفع للاتحاد، على أن تُفرض على النادي غرامة مالية كبيرة دون استئناف.
قد يبدو هذا الإجراء قاسيًا، لكنه الدواء الوحيد لتنظيف المدرجات من فئة تلوث ألسنتها قمامة الشوارع.
فمن لم يربِّه بيته، فليتعلم الأدب في مراكز الإصلاح والتأهيل.
اللهم أصلح حال رياضتنا، وذكّرنا أن الأخلاق هي الميدالية التي لا تصدأ، ولا تُسقطها خسارة، ولا يرفعها تعصب.