كافة الحقوق محفوظة © 2021.
المنتخب الأردني لكرة اليد… تحضيرات غائبة أم فقاعة إعلامية؟
سراب سبورت _
حتى اللحظة، وقبل شهر فقط من انطلاق بطولة آسيا للرجال، لم يفصح الاتحاد الأردني لكرة اليد عن أي تفاصيل واضحة تتعلق بتحضيرات المنتخب الوطني. فلا برنامج إعداد معلن، ولا معلومات مؤكدة حول إقامة معسكرات تدريبية خارجية من عدمها، في وقت يفترض أن تكون فيه الأمور في مراحلها النهائية.
السؤال الذي يفرض نفسه: ماذا عن قائمة اللاعبين الذين سيمثلون المنتخب؟ هل تم إعدادهم فعليًا لخوض هذا الاستحقاق القاري؟ أم أننا أمام مشاركة من باب «يلا خلّينا نشارك» دون إعداد حقيقي يليق باسم المنتخب؟
قبل نحو شهر، أعلن الاتحاد التعاقد مع مدرب محترف، نشهد له بالعديد من المميزات الفنية والخبرات التدريبية، وهي خطوة إيجابية تُحسب للاتحاد. كما أن الاتحاد سبق وأن تعاقد قبل عامين مع مدرب الحراس التونسي أيمن بن يحيى، الذي أجمع الجميع على بصمته الواضحة في تطوير مستوى حراس المرمى، ونجح في إحداث نقلة ملموسة على هذا الصعيد، ما يؤكد أن العمل الفني المتخصص حين يُمنح الثقة والاستمرارية يمكن أن ينجح.
لكن السؤال الأهم يبقى: ماذا عن باقي الكادر التدريبي؟ أين المنظومة المتكاملة التي تدعم عمل المدرب المحترف ومدرب الحراس؟ ولماذا لا يتم الإعلان بشفافية عن كامل الطاقم الفني والإداري وخطة العمل؟ وهل أصبحت هذه التفاصيل من الأسرار التي لا يجوز الكشف عنها للرأي العام؟
وإذا كانت المشاركة في بطولة آسيا تهدف فقط إلى «المشاركة وبناء فريق للمستقبل»، فهنا تبرز إشكالية كبيرة؛ إذ إن عقد المدرب المحترف لا يتجاوز عامًا واحدًا. فماذا يمكن أن ينجزه مدرب خلال عام واحد في ظل واقع اللعبة الحالي؟ وأي مشروع مستقبلي يمكن أن يُبنى دون استمرارية واستقرار فني؟ أم أن الأمر سينتهي بإضافة إخفاق جديد إلى سجل الاتحاد؟
الأكثر خطورة، أن المدرب نفسه ــ بحسب ما نُقل ــ أوضح للمسؤولين أن هذه المرحلة لن تشهد أي إنجاز أو نتائج إيجابية، لعلمه المسبق بواقع كرة اليد الأردنية ومستوى اللاعبين والبنية التحتية. وهو تصريح واقعي، لكنه في الوقت ذاته يكشف غياب التخطيط بعيد المدى.
ما نراه اليوم هو عمل اتحادي يدار بعقلية «الآن فقط»، دون رؤية واضحة للمستقبل، ودون قرارات شجاعة قادرة على إحداث نقلة نوعية حقيقية لكرة اليد الأردنية. تعاقدات بلا مشروع متكامل، ومشاركات بلا أهداف معلنة، وإعلام يُستخدم لتلميع الصورة أكثر من مصارحة الشارع الرياضي.
وما يزيد المشهد تعقيدًا، أن هذا النهج لا يقتصر على كرة اليد فقط، بل يكاد يكون عنوانًا عامًا لملف المنتخبات الوطنية في الأردن، حيث تتكرر ذات السيناريوهات في أكثر من لعبة، وعلى رأسها كرة الطائرة. مشاركات خارجية بلا إعداد كافٍ، غياب لبرامج طويلة الأمد، وتغييرات فنية متكررة دون رؤية واضحة، ما يحوّل الاستحقاقات القارية والدولية إلى حضور شكلي لا أكثر.
في كرة الطائرة تحديدًا، عاش الشارع الرياضي تجارب مشابهة، لكن بصورة أكثر وضوحًا ووجعًا؛ إذ باتت المشاركات الخارجية محصورة بين المركز الأخير أو قبل الأخير، وكأن هذه المراكز أصبحت سقف الطموح غير المعلن. نتائج متكررة لا تحمل أي مفاجأة، لأنها ببساطة انعكاس طبيعي لغياب الإعداد الحقيقي، وانعدام الاستقرار الفني، وافتقار المشروع الوطني الواضح.
ورغم ذلك، تستمر المشاركات وكأن الهدف هو تسجيل الحضور فقط، دون وقفة مراجعة جادة، أو محاسبة، أو حتى مصارحة للجمهور: لماذا نشارك؟ وماذا نريد أن نحقق؟ وهل نقبل أن يتحول اسم المنتخب الوطني إلى رقم في ذيل الترتيب؟
هذه الصورة في كرة الطائرة لا تختلف كثيرًا عما نخشاه اليوم في كرة اليد، حيث تتشابه الظروف، وتُدار الملفات بذات العقلية، ما ينذر بتكرار السيناريو ذاته إن لم يتم كسر هذه الحلقة المفرغة.
باختصار، المشهد الحالي أقرب إلى فقاعة إعلامية مشتركة بين أكثر من اتحاد، سرعان ما تنفجر مع أول اختبار حقيقي.
وللحديث بقية…
